رؤية الصحفيين المصريين للضوابط المهنية والأخلاقية المنظمة لاستخدامات شبكات التواصل الاجتماعي في العمل الصحفي وعلاقتها بأساليب الممارسة السائدة

الملخص AR

أحدثت تكنولوجيا الاتصال والمعلومات التي يشهدها العالم تغييرات بالغة الأهمية في ديناميات العمل الصحفي بمراحله المختلفة، وغيرت العديد من المفاهيم التي ظلت راسخة لفترة طويلة من بينها تعريفات "الصحافة" و"الصحفي" والتي خضعت لإعادة تشكيل عميق، ويرجع ذلك إلى رقمنه جمع ومعالجة ونشر المعلومات، والتغيير التدريجي في دور الجمهور الذي كان ينظر إليه على أنه مستهلك "سلبي" لوسائل الإعلام إلى مشارك فاعل بل ومنتج للمادة الصحفية.

كما أن من بين التغيرات التي أحدثتها هذه التطورات التفاعل مع المواطنين واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي كأدوات للعمل الصحفي، وعلى الرغم من الدور الإيجابي لتلك الشبكات، إلا أنها شكلت تحديا مهنيا للصحفيين خاصة ما يتعلق بدقة ما ينشر على تلك الوسائل، وعلاقتها بانتشار الشائعات، بالإضافة إلى التشهير والتحايل والتزوير والابتزاز والتخفي والانتحال، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، والتلاعب بالمعلومات والصور.

ويزيد من وطأة هذه التحديات البيئة الإلكترونية المفتوحة والعابرة للحدود، واستخدام تلك الشبكات كمنصة إعلامية جديدة لما توفره من سهولة في تدشين حسابات وصعوبة الحجب من قبل الدولة وتوظيفها لشن الحملات الإلكترونية المغرضة، واستخدام الصور والفيديوهات المتحيزة لوجهة نظر معينة لشحن الرأي العام والتي قد يتم تركيبها أو اختلاقها أو إعادة استخدامها بشكل يؤثر في تحريك الأحداث وفي شن الحروب النفسية ونشر الشائعات التي قد تضرب المصالح القومية بهدف التأثير في الاستقرار الداخلي، وتفرض تلك التحديات الجديدة الموازنة بين الحق في الاستخدام والحيلولة دون أن يمثل تهديدا لأمن المجتمع، وهو ما يدفع إلى أهمية وجود ضوابط تحكم عملية الاستخدام وترشده، وأن يتم التعامل مع تلك الأخطار وفق خصائصها المتميزة.

وفرض التوسع الذي يشهده النشر الإلكتروني متغيرات جديدة على الساحة الإعلامية، حيث كسر ما كان يتميز به الإعلام التقليدي من ضوابط وشروط تنظيمية لممارسة مهنة الصحافة تحديدا، كما لم يغير فقط من طبيعة وأدوار عناصر العملية فحسب على غرار بروز تفاعلية المتلقي الذي أصبح بدوره مرسلا، بل أدى هذا أيضا إلى صعوبة وضع تشريع قانوني ينظم العمل الصحفي في البيئة الإلكترونية في ظل تقلص هامش الرقابة، وهذا ما يؤثر بدون شك على أخلاقيات المهنة وضوابطها، فالتطور التقني والتكنولوجي الذي عرفته المجتمعات كان من اللازم أن يواكبه تطور من نوع آخر على المستوى القانوني والتشريعي أيضا حتى يتحقق التوازن المطلوب الذي يحافظ على النسق العام للصحافة تحديدا كمهنة لها مبادئها وأبجدياتها، فتغير التشريع في البيئة الرقمية ولد فراغا قانونيا كبيرا جعل هذه الصحافة في الوطن العربي بعيدة عن الرقابة والسلطة، حتى وإن كانت هذه الأخيرة تتدخل في السيطرة على المضمون الإلكتروني بطرق غير مباشرة، فانعدام الضوابط القانونية جعل هذا الفضاء الإعلامي ينمو في فوضى لامتناهية حيث لا تعرف فيه حقوق وواجبات الصحفي الإلكتروني، ولا تبرز فيه الأخلاقيات المهنية المفروض أن يلتزم بها العاملون في البيئة الإلكترونية، و هو ما يثير تساؤلات بشأن مدى مصداقية هذا المضمون الصحفي الإلكتروني ومدى موضوعيته، وصدق مصادره وكذا خلفياته التي هي في الغالب مجهولة الهوية.

ويشكل التحقق من صحة المعلومات بشكل دقيق عبئا على عاتق الصحافة المهنية، حيث أن التغطية الدقيقة للأحداث تعتمد على الاعتناء والحرص بالتحقق من صحة المعلومات التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي خاصة تويتر أو التقارير التي تبثها المؤسسات الإخبارية المختلفة.