النقل والتنقل ودوره في إندراس حاضرة سجلماسة وبروز قصر تابوعصامت خلال العصر الحديث

الملخص AR

شكلت المسالك والطرق التي اختطتها القوافل التجارية بين الموانئ والمدن المغربية، وإفريقيا جنوب الصحراء طيلة العصر الوسيط، عنصر ازدهار ونمو للحاضرة السجلماسية، بحيث مكنتها التجارة مع بلاد السودان، ثم المدن الشمالية والشمالية الغربية للمغرب، ومع باقي الأقطار المغاربية، من أن تصبح ملتقى لعدة تيارات تجارية قادمة من كل الاتجاهات، فباتت معها قاعدة للحكم بالنسبة للعديد من الدول الوسيطية المغربية، ومحط تربص قوى سياسية في الشمال الإفريقي في هذه الفترة، بل تجاوز الأمر هذا الوضع، عندما أقدم أحمد المنصور السعدي (1578-1603 م) على محاولة إحياء التجارة الصحراوية التي مر جزء مهم منها من بلاد سجلماسة لإرجاع المغرب السابق توهجه، عبر التوسع على حساب بلاد السودان الغربي.

لم تكن تحولات ضفتي المتوسط في العصر الحديث رحيمة بموقع ودور سجلماسة في التجارة الصحراوية، لكون عنصر النقل والتنقل ظل عصب كل التحولات التي عاشتها المدينة، ومعها المغرب ككل خلال العصر الحديث، فقد فقدت هذه الحاضرة بريقها، وتركتها معظم القوافل المتجهة إلى بلاد السودان، عندما ولت وجهها شطر المنطقة الغربية (مثلا ميناء الصويرة، لكن دون أن تنمحي بشكل تام آثار حوافر تلك الدواب التي اجتازتها، واستمرت ترسم معالم تلك المريرات (تعبير محلي يطلق على أثار حوافر الدواب التي تنتهي إليها، وتأبى إلا أن تحفظ لها خريطة تشعباتها في الجبال، وفي الفيافي والقفار، وظلت على قلتها-أي القوافل-تقصد ورثتها من القصور، بدءا بتابو عصامت، وانتهاء بسوق "أبو عام"، فكان لهما فضل المحافظة على استمرار جزء من أدوارها في الفترات اللاحقة لاندراس سجلماسة.

إن الهدف من هذه الدراسة، هو إبراز الحضور المستمر لتافيلالت في الدينامية السياسية والاقتصادية للمغرب في التاريخ الحديث، ثم إظهار تشبث الإنسان الفيلالي بالإسهام في بناء صرح هذه الدولة على مر الزمن وانطلاقا من هذا الموضوع الذي اصطفيناه للبحث والتقصي في هذا الذي نريد، كان لزاما علينا أن نأتي بما يثبت صحة ما ندعي ونزعم.

فكان اختيار قصر "تابو عصامت" وريث حاضرة سجلماسة بيت قصيدنا، ثم إبراز أدواره الاقتصادية والسياسية بعد أفول نجم سجلماسة أسمى أمانينا، ومحل الجواب الذي يمكن أن يدعم تفكيك والرد على إشكاليتنا موضوع هذه المقال.