التغير الاجتماعي بين الثورة و التطوير و التحديث : دراسة إمكانيات و آفاق التغيير في دول الجنوب

الملخص AR

يتناول البحث أزمة حضارية إنسانية دائبة الصيرورة في الفترة المعاصرة تتجسد في الهوة الآخذة في الاتساع بين دول الشمال ودول الجنوب من حيث مستوى التطور التقني و الحضاري ، الى حد جعل بعض هذه الدول تبدو و كأنها أصبحت خارج التاريخ بما نعانية من مشاكل حياتية و بما تتصف بة من قلة الفاعلية و الحضور على الصعيد السياسي و الاقتصادي العالمي. هذا الواقع يشكل وضع مأزوما يعبر عن نفسة بعدة مظاهر اشدها بروزا يتمثل بانفجار أعمال العنف المضاد من حين الى حين في أماكن كثيرة من العالم .

ان هذا الوضع يطرح مشكلة هامة أمام الفكر السوسيولوجي هي محاولة ايجاد طريقة ما لادارة هذه الازمة والخروج منها. ويبدو لنا ان نقطة البداية في هذا الحل ينبغي ان تكون احداث التغيرات جوهرية في الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية للبلدان ضعيفة التطور من خلال إزالة السبب الاهم من بين الاسباب الكثيرة التي تشكل أزمتة ونقصد هنا الوضع الاقتصادي المتردي لهذه البلدان .

ان إحداث مثل هذا التغير كما تقيد التجارب التاريخية ، يمكن ان يتم بإحدى طريقتين : أ- الثورات الاجتماعية وما يقترن بها من حشد كثيف للطاقات و استخدام واسع للقوة و طغيان مظاهر العنف. ب- التغيرات المقصودة المخططة من اعلى وما يرتبط لها من تخطيط وترشيد عقلانيين و استخدام وسائل بديلة من القوة كقوة العلم والفعل السياسي والحوار الديمقراطي...

الخ. ان هدفنا الاساسي من البحث يتلخص في محاولة بلورة رأي معين حول آفاق وإمكانيات كل من الاسلوبين في إحداث التغيير المطلوب آخذين بعين الاعتبار خصوصية الفترة المعاصرة وما تتميز به من تواصل و تداخل شديدين بين دول العالم ومن تقدم علمي مذهل وسيطرة على مواد الطبيعية وامتلاك لمصادر القوة لم تعرف له البشرية مثيل في كل تاريخها السابق . في السبيل تحقيق هدفنا من البحث اتبعنا منهج مسح و مراجعة عينة واسعة من الادبيات الوسيولوجية ذات العلاقة بموضوع البحث .

وهذا ساعدنا على استعراض تجارب تاريخية حديثة معاصرة لبلدان عرفت ثورات اجتماعية كبرى مثل روسيا ، الصين ، إيران.

وتجارب أخرى لم تعرف مثل هذه الثورات واعتمدت الاجراءات السياسية المخططة من أعلى مثل , اليابان، الهند ، هونكونغ.

وقد توصلنا بالنهاية الى نتائج قادنا اليها البحث أهمها : 1- ان قيادة عملية التغير الاجتماعي و إدارتها بالطرق السياسية تبدو أكثر جدوى في ضروف الفترة المعاصرة. 2- ان النتائج التي أفضى اليها كل من الاسلوبين ( الثورة الاجتماعية – التغير المخطط من أعلى ) تبدو متساوية الى حد بعيد من حيث التقدم الصناعي و الحضاري مع فارق كبير بين الاسلوبين في حجم الخسائر وتبديد الموارد الذي يقترن بكل منهما ووفق هذا المعيار يبدوا ان التغير المخطط هو الاقل هدرا للموارد. 3- ان الفترة المعاصرة بما تتميز به من سيطرة واسعة على موارد الطبيعية وامتلاك هائل للقوة و سهولة في التواصل و تشابك المصالح على مستوى كوني تجعل من استخدام القوة المسلحة امر ينطوي على مخاطر كبيرة ، وبنفس الوقت تتيح بدائل جديدة من القوة يمكن ان تستخدم في عملية التغيير مثل قوة التقدم العلمي وقوة الفعل السياسي و الحوار الديمقراطي ...

الخز 4- إذا نظرنا الى مشكلة تخلف بلدان الجنوب ، وضرورة إحداث تغيير في اوضاع هذه البلدان من حيث مصلحة الحياة الانسانية نرى انها مشكلة ذات ابعاد كونية و تفترض تعاون شامل لحلها ، وهذا ما شكل موضوع لمؤتمرات عديدة ابتداء من نادي روما في الثمانينات و مرور بكم هائل من الادبيات التي تناولت هذه المشكلة ونعتقد ان اهم صفة يجب ان تتصف بها اية استراتيجية لتجاوز هذه المشكلة ينبغي ان تكون استبعاد اللجوء الى استخدام القوة المسلحة نظرا لما ينطوي علية هذا الاستخدام من مخاطر كبرى.