مراحل تطور مفهوم نهر الدولي لحوضي دجلة و الفرات

الملخص AR

انشأ الجوار الجغرافي بين العراق وتركيا مصالح متوافقة في بعض الأحيان و متناقضة في أحيان أخرى بين البلدين.

و كانت المصالح المتوافقة مبعثآ لعلاقات تعاون و تفاهم مشترك مثلما أثارت المتناقضة منها المخاوف و المشكلات بين الجارين.

و على الرغم من خصوصية روابط التاريخ و الدين و الثقافة بين العراق وتركيا لمدة طويلة إلا أن التطورات المعاصرة في العلاقات العراقية – التركية أتسمت بالتميز تارة و الفتور تارة أخرى و تمثل هذه المتناقضات في العلاقات بين الطرفين تراكمات السياستين: الخارجية و الداخلية لكلا البلدين منذ تأسيس الجمهورية التركية الحديثة في عام (1923) مرورآ بثلاثة حروب طاحنة خاضها العراق على مدى أكثر من عقدين من الزمان كان لتركيا فيها مواقف سياسية متباينة تجاهه تمثل انعكاس الأتجاهات في مراكز صنع القرار في تركيا.

و كانت المياه من أبرز الملفات العالقة التي تستخدمها تركيا أداة للهيمنة على العراق و خاصة في الوقت التي تكون العلاقات بين الدولتين متوتره بحيث برز دور هذا الملف بعد احداث عدد من التحولات المحلية في كلا البلدين التي تتمثل في الأحتلال للعراق عام (2003) و أستلام حزب العدالة و التنمية السلطة في تركيا عام (2002) و حدوث تغيير كبير في سياسات الحكومة التركية التي تم تشكيلها من قبل هذا الحزب خاصة تجاه هذه الملفات العالقة بين البلدين ودور تركيا في العراق عن طريق هذه القضية الرئيسية التي تربط البلدين و التي تستخدمها تركيا في بعض الأحيان كأوراق ضغط على العراق.

و أستطاعت تركيا من استخدام المياه من أجل تعزيز دورها الذي يمكن أن يؤديه هذا العنصر وسط المنظومة الإقليمية التي تربط بها إلى جانب موقعها الجيوستراتيجي بين الشرق و الغرب و أرتباطاتها الجيوسياسية مع أطراف وقوى إقليمية متعدةة سياسية و أقتصادية و عسكرية.

فتركيا تتطلع للعب دور إقليمي فاعل عن طريق أستخدام عناصر القوة المتاحة للقرار التركي و خصوصآ عنصر المياه في تدعيم دورها الإقليمي فضلآ عن المزايا الأقتصادية التي ستؤمن لها مواجهة مشكلاتها الأقتصادية.

لذلك يعد ملف المياه من جذور القضايا العالقة بين العراق وتركيا و هو من الأمور التي حدثت فيها تطورات بعد صعود حزب العدالة و التنمية الى السلطة و الأحتلال الأمريكي للعراق إذ تحتل مسألة الموارد المائية قمة أولويات القسم الأكبر من دول الوطن العربي و مصالحها لذا فان الحديث عن الأمن الوطني او الامن الغذائي لدول هذه المنطقة هو مجرد حديث بلا مضمون في ظل غياب وفرة الموارد المائية خاصة اذا علمنا ان الموارد المائية في غالبية هذه الدول تاتي من خارج حدودها السياسية بأستثناء تركيا مما يؤثر علي الامن المائي لهذه الدول وتوتر العلاقات بينهما.

لذا تأتي هذه الدراسة لتلقي الضوء على قضية النزاع علي المياه بين تركيا و العراق في ملف المياه عن طريق البحث في جذور هذه المشكلة بين تركيا و العراق و من تقسيم المياه المشتركة إلى جانب البحث دراسة المشاريع المائية التركية و أثرها في طبيعة العلاقات العراقية – التركية إلى الوقت الحاضر.