المدارس السليمانية في مكة المكرمة و دورها العلمي إبان القرن الحادي عشر الهجري

الملخص AR

يتناول هذا البحث المدارس السليمانية التي أنشأها السلطان سليمان القانوني (926هـ -974هـ /1520-1566م) في مكة المكرمة باعتبارها أول الآثار العلمية للسلاطين العثمانيين في مكة و كان إنشاؤها ضمن مجموعة متميزة من أعمال السلطان سليمان في الحرمين الشريفين و جزء من اهتمامه بترقية الحركة العلمية في مكة و يبرز البحث اهتمام السلطان سليمان بهذه المدارس فاختار لبنائها المعماري سنان باشا أشهر معماريي عصره و الدولة العثمانية على مدار تاريخها كما وضع أسس إدارتها و مرتبات العاملين فيها أسوة بمنشآته التعليمية في عاصمة دولته وفي دمشق و حرصه على متابعة أعمال بنائها و رغم و فاة السلطان سليمان إلا أن خلفاءه قد أولوا هذه المدارس رعايتهم فتعهدوا مبانيها بالصيانة و الترميم كما عملوا على تطبيق القواعد التي وضعها السلطان سليمان في إدارتها و استحقاق وظائفها و زادوا مرتبات العاملين فيها.

و يعرض البحث لأهم و أشهر من تولوا التدريس في المدارس السليمانية من علماء المذاهب الفقهية و الحديث النبوي الشريف ممن حفظت أسماءهم المصادر المعاصرة و الذين كانوا في الغالب من أشهر علماء عصرهم في مكة المكرمة و من ذوي المناصب الرفيعة ممن جمعوا بين الفتوى و القضاء و التدريس في هذه المدارس و هو ما يؤكد على أهمية هذه المدارس و مكانتها بين المدارس المعاصرة - و التي أشار إليها البحث بإيجاز- وقد تناول البحث أيضا بعضا من أوجه القصور و الأحداث التي أعاقت عمل هذه المدارس وحالت دون استمرار تطبيق القواعد الأساسية التي وضعت لها و خاصة فيما يتصل بتقسيم الدراسة فيها وفقا للمذاهب الفقهية بسبب عدم وجود من يستحق التدريس فيها أو سيطرة علماء مذهب معين على وظائفها حيث سيطر المدرسون المنتمون إلى المذهب الحنفي على وظائفها فكان لهذا التنافس آثاره السلبية على المدارس هذا على جانب بعض التدخلات و الصراعات السياسية التي أثرت عليها أيضا.