الدخيل في التفسير : أسبابه و علاماته و واجب العلماء نحوه

الملخص AR

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسوله الكريم.

.

.

و بعد.

.

.

فالقرآن الكريم هو الكتاب الخاتم الذي تولىٰ الله حفظه بنفسه، مما جعله حصنا حصينا لا يخترقه حقد الحاقدين، و لا تناله أيدي العابثين.

ولقد أجمع الكملة من علمائنا على أن الصحابة أخذوا عن رسول الله لفظ القرآن و معناه كما أخذوا عنه السنة وأن أجيال الأمة تلقت القرآن عنه لفظا و معنى و هذا مما يجب أن يعلمه كل سلف لكل خلف حتى لا يقعوا في تفسير يفرغ القرآن من مضمونه و يأتي الأمة بقرآن غيره.

وظل المسلمون يفهمون القرآن فهما صحيحا لا شائبة فيه و لا دخل، إلى أن جدت أمور أتاحت الفرصة لانتشار الدخيل في التفسير و التباس الصحيح منه بالعليل، و ذٰلك بعد أن اتسعت رقعة الإسلام، و دخل الناس في دين الله أفواجا ذلك لأن المعتنقين للإسلام من أهل الديانات الأخرى كانوا على صنفين:
صنف اعتنقه عن حب و إخلاص و سلامة صدر فأفنوا أعمارهم في خدمته و صنف آخر تظاهر بالدخول في الإسلام و راح يبث سمومه في تفسير آياته وتوضيح معانيه بعد أن يئسوا من تحريف القرآن من جهة ألفاظه راحوا يبثون سمومهم في تفسير آياته وتوضيح معانيه.

كما ابتليت الأمة بعد مقتل عثمان بن عفان بانقسام المسلمين إلى طوائف وشيع فظهرت الخوارج و المعتزلة و القدرية و المرجئة و الجهمية و غيرهم.

كذا ابتليت الأمة بالقصاص والوعاظ الذيـن ظهروا بعـد عصر الخلافة متخذيـن من الإسرائيليات و الأحاديث الموضوعة مادة خصبة لمواعظهم و ذٰلك لاشتمالها على الغرائب و العجائب التي يستميلون بها قلوب العوام و عقولهم.

أضف إلىٰ ذلك ما وضعه الوضاعون من أحاديث في فضائل القرآن و تفسير آياته زاعمين بذٰلك أنهم يخدمون القرآن.

أضف إلى ذلك ـ أيضا ـ تساهل بعض المفسرين و الإخباريين في نقل الإسرائيليات و الأحاديث الموضوعة بدون بيان حالها من حيث القبول و الرد، حيث "اختصروا الأسانيد، و نقلوا الأقوال بترا، فدخل من هنا الدخيل، و التبس الصحيح بالعليل".

ومما سبق يتضح لنا أهمية دراسة الدخيل في التفسير و تنقية التفاسير مما دخلها من الإسرائيليات و الأحاديث الموضوعة و الضعيفة التي لا متابع لها و لا شاهد.

ولقد قيض الله طائفة من جهابذة العلماء للذب عن حمى القرآن فنفوا عنه تحريف الغالين و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين فكان لهم جهد يشكر، و سابقة يد لا تنكر.

هذا وقد من الله علي بنعمة المشاركة في الذب عن حمى القرآن من خلال هذا البحث الذي جاء بعنوان (الدخيل في التفسير ـ أسبابه و علاماته وواجب العلماء نحوه)