جراحات التجميل المستحدثة بين الاستحسان و أثره في الشريعة الإسلامية

الملخص AR

إن الله سبحانه و تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم فجعله في أفضل هيئة و أكمل صورة معتدل القامة كامل الخلقة و أودع فيه غريزة حب التزين و التجمل ودعاه إلى ذلك عن طريق الرسل و الأنبياء قال تعالى: «إن الله جميل يحب الجمال» ([1]).

و الإسلام شرع التزين و التجمل للرجال و النساء جميعا إلا أنه رخص للنساء فيهما أكثر مما رخص للرجال فأباح للنساء لبس الحرير و التحلي بالذهب دون الرجال.

قال (r): « حرم لباس الحرير و الذهب على ذكور أمتي و أحل لإناثها»([2])
و الزينة بالنسبة للرجال من التحسينات و الكماليات إلا أنها بالنسبة للمرأة فهي من الحاجيات لأنه بفواتها تقع المرأة في الحرج و المشقة فلا بد من التوسعة عليها فيما تتزين به لزوجها حتى تتمكن من إحصانه و إشباع رغباته إلا أن الإسلام لم يطلق العنان لتلك الغرائز و هذه الشهوات و الرغبات بل دعا الإنسان إلى ضبطها بمقتضى الهدي الرباني فحرم عليه أشياء يجب عليه عدم انتهاكها وحد له حدود ينبغي عليه عدم تعديها و هذه الحدود ليست تحكما في حياة البشر و لا تسلطا عليه و إنما جعلت حرصا على إنسانية الإنسان ورعاية لمصالحه فشرع الله التشريعات التي تحفظ ذلك وقد حرم الإسلام بعض أشكال الزينة كالوصل والوشم و النمص وغير ذلك لما فيه من الخروج عن الفطرة و التغيير لخلق الله تعالى و التدليس و الإيهام وغير ذلك ولم تكن تلك المحرمات فحسب هي كل ما حرم الله في مجال الزينة و إنما نص عليها لينبه على نظائرها وهناك ما يحدث من أشكال الزينة المشابهة لها في شكلها و مضمونها فإنها تحمل عليها بهذه النصوص الشرعية وهناك عمليات مستحدثة في مجال التجميل و التحسين أجيزت استحسانا للضرورة و المصلحة و دفعا للحرج و نظرا لأهمية هذا الموضوع و الحاجة الملحة إليه و بيان وجه الاستحسان فيه أردت أن أكتب هذا البحث المتواضع في هذا الموضوع و قسمته إلى مبحثين و خاتمة و فهارس فنية
و كان منهجي في البحث أن ذكرت حقيقة الاستحسان و آراء الأصوليين في حجيته و أنواعه ثم تناولت العمليات الجراحية الحديثة و بينت أن ما أجيز منها إنما أجيز استحسانا للمصلحة أو الضرورة مع مراعاة القواعد العامة التي يجب مراعاتها في جراحات التجميل.

و حسبي في ذلك أن الكمال لله تعالى وحده هو نعم المولى و نعم النصير.

([1]) الحديث أخرجه مسلم بصحيحه بشرح النووي 2/89.

([2]) الحديث أخرجه الترمذي في سننه 7/220 وقال حديث حسن صحيح.