علاقة تناول الصحف المصرية لأخبار التعليم الجامعي بمسئوليتها الاجتماعية نحو تدعيم قيم و تقاليد المجتمع الجامعي

الملخص AR

يواجه التعليم الجامعى في مصر العديد من التحديات للقيام بدوره الرائد في مجالات التعليم و البحث العلمى و خدمة المجتمع و من أهم هذه التحديات هى الحفاظ على القيم و التقاليد الجامعية الثابتة والمتوارثة عبر الأجيال السابقة إذ لا يمكن الارتقاء بالتعليم الجامعى من حيث تطوير المناهج و طرق التدريس و تحسين الأداء المهنى لأعضاء هيئة التدريس و محاربة عوامل الفساد و الاستغلال الجيد للموارد المادية و البشرية المتاحة و تحقيق العدل و المساواة و تكافؤ الفرص و الاهتمام بالبحث العلمى و تكريسه في خدمة المجتمع دون الالتزام بالمعايير الأخلاقية و المهنية التى تحكم المجتمع الجامعى.

إلا أن التغييرات الثقافية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية التى شهدتها مصر خلال العقود الأخيرة أدت إلى حدوث اضطرابات في النسق القيمى للمجتمع بصفة عامة و المجتمع الجامعى بصفة خاصة.

و الصحافة تقع عليها مسئولية مشتركة مع كافة مؤسسات المجتمع في الحفاظ على المناخ القيمى الإيجابى و التصدى للقيم السلبية التى يمكن أن تهدد النسق القيمى و الأخلاقى للتعليم الجامعى.

في ضوء ذلك تتبلور مشكلة البحث في التعرف على مدى اهتمام الصحف المصرية ( الأهرام والوفد و المصرى اليوم) بتناول المعايير الأخلاقية و المهنية التى تحكم المجتمع الجامعى سواء الخاصة بالطالب الجامعى أو الخاصة بأعضاء هيئة التدريس أو الخاصة بالقيادات الجامعية و التعرف على دور الصحف المصرية في إبراز القيم الجامعية الايجابية و تنميتها و التصدى للقيم السلبية منها و رصد أهم المشكلات القيمية التى يعانى منها المجتمع الجامعى وكيفية معالجة الصحف المصرية لهذه المشكلات عند تناولها لأخبار التعليم الجامعى وذلك خلال الفصل الدراسى الثانى من العام الجامعى 2015/2016.

أهم نتائج الدراسة: 1- لم تحظى القيم و التقاليد الجامعية بالقدر الكافي من اهتمام الصحف المصرية موضع الدراسة عند تناولها لأخبار التعليم الجامعى بالرغم من أهمية موقع القيم في هذا التعليم فالبعد الأخلاقى من عمل الجامعة كان دوما مصدر قوتها و انتاجيتها وأن هذا البعد نفسه أصبح في السنوات الأخيرة مصدر ضعفها و تدهورها.2- ضعف اهتمام الصحف المصرية بالقيم و التقاليد الجامعية الخاصة بالطالب الجامعى في مقابل اهتمامها المتزايد بالقيادات الجامعية تماما مثلما يحدث مع الطلاب من عدم الاهتمام بمشكلاتهم و قضاياهم و آرائهم و اتجاهاتهم داخل الحرم الجامعى مع غياب دور الأستاذ الجامعى و إدارات الجامعة في إيجاد المناخ الأخلاقى و المحافظة عليه لمعالجة حالة الإحباط و السخط التى يشعر بها الطلاب نتيجة عدم الإنصاف أو الإهمال أو العشوائية في التعامل مع اهتماماتهم و قضاياهم الأمر الذى يشعرهم بالرغبة في التحرر من القيود و ممارسة السلوك غير الأخلاقى و عدم استنكار مواقف أولئك الذين يقومون بهذا السلوك.3- اهتمام الصحف المصرية موضع الدراسة بالمسئولية الأخلاقية لأعضاء هيئة التدريس في المشاركة في الأنشطة الطلابية إنما يعكس مكانة الأستاذ الجامعى الذى يعد بمثابة القدوة و المثل لطلابه من ناحية و مدى أهمية الأنشطة الطلابية سواء التربوية أو الترفيهية في خدمة العملية التعليمية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من ناحية أخرى.4- تنامى دور الجامعات في خدمة شئون البيئة و تنمية المجتمع من خلال تقديم الاستشارات العلمية و الدعم الفنى وتوفير المعلومات للمؤسسات الاجتماعية المختلفة و تقوم بذلك كوادر علمية على درجة عالية من الفكر والوعى و الأداء.

كما تقيم الجامعات شراكة فاعلة مع قطاعات المجتمع الإنتاجية حيث تتعاون معها في إجراء البحوث لصالح هذه القطاعات بهدف تحسين الأداء فيها بل و تقوم الجامعات بتقديم برامج تدريبية للعاملين في مؤسسات المجتمع بهدف رفع مستوى انتاجيتهم هذا فضلا عن عقد الندوات و المؤتمرات وورش العمل لتوعية الأفراد بالقضايا المعاصرة التى تمس حياتهم و ثقافتهم و ترتبط بمتطلبات مجتمع المعرفة الجديد المتمثلة في التعلم و الإنتاج و التقنيات و المعرفة وغيره من القضايا التى لا يستطيع الإنسان العيش دونها.5- جاء تطبيق القوانين و اللوائح المنظمة للعمل الجامعى في لآليات التى تناولتها الصحف المصرية موضع الدراسة من أجل تدعيم قيم و تقاليد المجتمع الجامعى إنما يعكس حجم المخالفات و تعدد أشكال و مظاهر الفساد داخل المجتمع الجامعى مما يستلزم معه تطبيق القوانين و اللوائح المنظمة للعمل الجامعى و هو ما أكدته نتائج الدراسة التحليلية من وجود 28.3% من أخبار التعليم الجامعى أخبار سلبية كما يؤكد في نفس الوقت على النزاهة و الشفافية في تطبيق القانون و محاربة جميع مظاهر الفساد و الخروج عن قيم و تقاليد المجتمع الجامعى.6- اهتمام الصحف المصرية بالتغطية الخبرية لشئون و قضايا التعليم الجامعى الخاصة بقيم و تقاليد المجتمع الجامعى حيث جاء الخبر الصحفي في مقدمة أشكال و فنون التحرير الصحفي بنسبة 70% وجاء الهدف الإخبارى في مقدمة الهدف من نشر المادة الصحفية التى تناولت أخبار التعليم الجامعى بنسبة 55% وقد يرجع ذلك إلى الأحداث المتسارعة و التطورات المتلاحقة في كافة مجالات الحياة و الخبر الصحفي هو الفن التحريرى القادر على مجاراة الأحداث و تحقيق السبق الصحفى.7- اعتمدت الصحف المصرية بدرجة كبيرة على القيادات الجامعية كمصدر للإدلاء بالمعلومات عند تناولها لأخبار التعليم الجامعى الخاصة بقيم و تقاليد المجتمع الجامعى مع عدم تنويع مصادر المعلومات بما يحقق تنوع و تعدد الآراء ووجهات النظر دون التحيز لرأى دون الآخر مما يحقق الموضوعية والتوازن بينما جاءت الأخبار مجهولة المصدر في المرتبة الثانية و هو ما يفقد أخبار التعليم الجامعى المصداقية و الثقة لدى القراء.

8- تأكيدا على اختلاف السياسات التحريرية طبقا لنمط ملكية الصحف و تطبيقا على موضوع الدراسة نجد أن الصحف القومية تتبنى الاتجاه الإيجابى عند تناولها لأخبار التعليم الجامعى التزاما منها بالسياسة العامة للدولة من ناحية و مسئوليتها الاجتماعية نحو المحافظة على النسق القيمى و الأخلاقى للمجتمع متماسكا و مترابطا من ناحية أخرى بينما تركز الصحف الحزبية و المستقلة على نشر المضامين السلبية أو الجوانب و الزوايا السلبية للموضوعات و الأخبار.

و إن كان هذا لا يمثل اتهاما للصحف الحزبية و المستقلة بقدر ما يمثل التزامها بالسياسة التحريرية الخاصة بها و التى منها كشف مظاهر الفساد في كافة المجالات و منها التعليم و تسليط الضوء على أداء المسئولين و طرق تعاملهم في إدارة و معالجة الأزمات و المشكلات التى يعانى منها المجتمع و منها مشكلة التعليم في مصر.