خطاب الصفحات الدينية الموجهة للمرأة المسلمة على شبكات التواصل الاجتماعي فيس بوك نموذجا : دراسة تحليلية نقدية

الملخص AR

بالرجوع إلى متغيري الدراسة الأساسيين (الوسيلة الاتصالية) و ( الخطاب الديني الموجه للمرأة المسلمة) يبرز تساؤل محوري ألا و هو: هل حققت شبكات التواصل الاجتماعي طرحا اتصاليا متكاملا هادفا خدم بشكل فعلي قضايا المرأة و بتساؤلات أكثر تفصيلا.

.

.

.

هل أبرزت تلك الشبكات قضاياها كما يجب هل عرضت موضوعاتها هل استغلت تلك الشبكات سماتها التفاعلية في تحقيق تواصل ايجابي و فعال لحل اشكالياتها المعلقة هل القائمون على تلك الشبكات قادرون فعليا على طرح خطاب ديني واعي حول قضايا المجتمع و منها قضايا المرأة هل يمكن أن يكون لتلك الشبكات دور ايجابي في المستقبل لطرح خطابات تواصلية من شأنها أن تسهم فعليا في حل مشكلات المجتمع- وفقا لما أبرزته تلك الدراسة يمكن القول أنه لم يكن هناك خطابا موجها للمرأة لقد فرض هذا الخطاب وصاية على المرأة من بدايته ثم تجاهلها بعد ذلك - عمدا أو بغير عمد- و من ثم أصبحت الغائب الغائب غائبة في هوية و رسالة تلك الصفحات الالكترونية من خلال (الوصاية) التي فرضت عليها مبدئيا و غائبة في زخم الموضوعات المنوعة التي ظهرت فيها بشكل هامشي لا يدل على توجيه الخطاب لها أو عنها و لعل هذا الحديث ليس وليد هذه الدراسة فقط فقد أكدته دراسة عامر (2013) عندما خلصت من تحليلها لخطاب البرامج الفضائية و مقاطع الفيديو الموجودة على شبكة اليوتيوب و التي تناولت قضايا وموضوعات حول المرأة "أن هذا الخطاب يختصر المرأة في كونها قضية تناقش وفي هذا يشترك الخطاب الاسلامي مع ما دونه و تحديدا الخطاب الليبرالي أو العلماني الذي يعتبره الاسلاميون ندا فالمرأة دائما و أبدا مفعولا به و ليس فاعلا وهي و تحديدا جسدها محل النقاش لكنها قلما تشترك فيه هي أخت محجبة أو منتقبة يجب أن نخاف عليها من الليبرالية التي سوف تمنعها من ارتدائه أو أجبرت على ذلك تحت ضغط و قهر و يجب علينا مساعدتها للتحرر منها".

- أبرزت تلك الدراسة أيضا اشكالية "منتج النص" من هو منتج النص الرقمي تحديدا ما مصادره ما خلفياته الثقافية التي تؤهله للخوض في موضوعات مجتمعية على درجة كبيرة من الأهمية ما أهدافه الحقيقية و راء هذا الخطاب هل هو خطاب تطوعي يسعى من خلاله للإصلاح أما خطاب ترويجي يريد أن يكسب من خلاله رأسمال اجتماعي من خلال استقطاب أعداد كبيرة من المتابعين مما يحقق له مكانة في العالم الافتراضي و من ثم العالم الواقعي كل تلك التساؤلات يصعب الاجابة عليها بسهولة – خصوصا- اذا كنا بصدد الحديث عن مواقع و صفحات لا تنتمي لشخصيات دينية معروفة أو محددة و تبقى اشكالية الفقيه الافتراضي معلقة هل هو بالفعل فقيه أم مشروع فقيه أم ناشط ديني على غرار الناشطين السياسيين و الاجتماعيين و يؤكد على تلك الاشكالية مصباح(2014) حيث يقول مشيرا إلى انعكاس تطور الإعلام الجديد على الخطاب الإعلامي الديني "أن هذا الانعكاس جاء لتعويض عجز الخطاب الديني التقليدي عن الاستجابة لمتطلبات الواقع و عقباته و بالتالي بدا عاجزا عن إقناع بعض الفئات المتدينة داخل المجتمع وأن المعطيات تذهب إلى تراجع دور المسجد و الأسرة في التأطير الديني إذ لم تعد هي المصدر الوحيد للمعرفة الدينية مع دخول مصادر جديدة على خط المنافسة بل أصبح المتدينون يتجهون أكثر فأكثر نحو القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية الأجنبية و يتفاعلون بشكل أكبر مع ما توفره التقنيات الحديثة من فرصة هائلة للتواصل و التفاعل" وهنا لابد من البحث في كنه هذا الفقيه الافتراضي بشكل أكثر عمقا خصوصا مع ما أشار له الشهري (2013) من ضعف العمل المؤسسي في الشبكات حيث أنه تدار من خلال أفراد بالاضافة الى ضعف جوانب ( التعليم – التوثيق – الإعلام).

و ما أشار له كذلك يونس(2013) الذي رصد" حالة الفوضى و الخلل البنيوي اللتين اتسم بها هذا الخطاب و التشتت و التباين الواسع بين حاملي الخطاب الديني و مروجيه و تجاهل كبير لمقام و ظروف متلقيه و تتجلي هذه الحالة ليس فقط علي المنابر التقليدية و إنما أيضا عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية" و يطالب يونس بإنهاء حالة الفوضى في الخطاب الإسلامي الناجمة بالأساس عن كثرة المتحدثين باسم الإسلام و عدم أهلية غالبيتهم لهذه المهمة مؤكدا أن إعادة الأمر الى نصابه لن يتحقق بدون معالجة الأسباب التي أوجدت هذه الحالة وفي مقدمتها ما أصاب المؤسسات الدينية الإسلامية الرسمية من ضعف نتيجة إخضاعها للسلطة السياسة و سلبها أوقافها و مصادر تمويلها مثلما حدث مع الأزهر الشريف منذ عهد محمد علي و حتى اليوم فتراجع دوره و صوته و خطابه مما مهد الطريق لنشأة جماعات وحركات دينية غير مؤهلة من خارج المؤسسة الدينية الرسمية لتسد الفراغ.

- و برغم العديد من السلبيات التي تكتنف الخطاب الديني عبر آليات الإعلام الجديد إلا أنه يمكن أن تتحقق من خلال تلك الآليات مصلحة عامة و ذلك عبر نشر القيم الايجابية و التأكيد عليها و الاستفادة من نشر الفتاوى و القصص الدينية و الاستماع لقراءة القرآن بشكل صحيح و هو ما أشارت له بعض الدراسات أيضا.

ويبقى خطاب وسائل الاعلام الجديد و خصوصا " الخطاب الديني يرتهن نجاحه في أداء رسالته بالكيف لا بالكم فقد يكون المتابعون بالملايين و لكن المردود الفعلي لا يساوي شيئا وهنا تكمن المعادلة الصعبة في الجمع بين الاستقطاب الواسع و الخطاب التواصلي الشامل و الفاعل معا عندها فقط قد نتحدث عن خطاب شبكي متكامل استفاد من امكانيات العقل الالكتروني و العقل البشري سويا.