العوامل الإدارية و التنظيمية المؤثرة على القائم بالاتصال في الصحف الإلكترونية المصرية : دراسة ميدانية

الملخص AR

وجهت الدراسات العربية المعنية بحقل إدارة المؤسسات الصحفية في معظمها اهتمامها الى العوامل السياسية و الاقتصادية و الضغوط الأمنية و الإدارية المتصلة بالبيئة الخارجية المحيطة بالنظام الصحفي " External factors" بوصفها أهم الضغوط و العوامل المؤثرة على أداء القائمين بالاتصال و بالتالي على تشكيل المنتج الصحفي مع اهمال الضغوط و العوامل المرتبطة بالبيئة الداخلية للنظام الصحفي" Internal Factors " مثل نمط الملكية و أساليب تنظيم و إدارة العمل و منظومة القيم المهنية الحاكمة الممارسات الروتينية لإنتاج الاخبار و تأثيرها على المنتج الصحفي برغم تأكيد العديد من الدراسات الغربية على غلبة تأثير تلك العوامل على المواد الصحفية المنتجة.

وعليه تتحدد المشكلة البحثية في رصد و تحليل العوامل الإدارية و التنظيمية المؤثرة على القائم بالاتصال في الصحف الالكترونية المصرية باختلاف أنماط ملكيتهاالنتائج العامة للدراسة فيما يتعلق بأسلوب التنشئة المهنية جاء توضيح الخطوط العامة للسياسة التحريرية من الرؤساء المباشرين اثناء سير العمل أكثر الأساليب استخداما في بوابة الاهرام و هو ما يعني استيعابها بشكل تدريجي و من خلال التجربة و الاحتكاك المباشر يكون الصحفي ما يشبه "الحس" او الخبرة التراكمية لما هو متفق مع السياسة التحريرية للصحيفة من معالجات و أساليب تحريرية و يتفق ذلك مع مؤشرات المقابلات المتعمقة مع القيادات التحريرية في البوابة التي أوضحت عدم الحاق المنتسبين الجدد للبوابة بأي دورات تدريبية قبل انخراطهم في العمل بل يتم اكسابهم طرق العمل و أساليب التحرير المناسبة للبوابة من خلال الاحتكاك المباشر مع القيادات التحريرية و الزملاء اثناء سير العمل([i]) بينما في بوابة الوطن كان اكتسابها خلال فترة التمرين و التدريب هو الأسلوب الأكثر استخداما لإكساب المحررين مبادئ السياسة التحريرية للموقع و أوضحت الملاحظة المباشرة ن عملية التدريب تتم أيضا من خلال تناقل طرق العمل و أساليب التحرير من زملاء العمل الاقدم خبرة داخل البوابة و هو نفس الأسلوب الذي أشار اليه محز غالي (2003) ([ii]) حيث أشار الى ان السياسات التحريرية للصحف المصرية معروفة ضمنيا للصحفيين و تتفق هذه النتيجة مع ما أشارت اليه (Singer، 2004) حول كيفية اكتساب الصحفيون السياسات و القيم المهنية للمؤسسة من خلال الملاحظة و التجربة كأن يقوم الصحفيين الشبان بقراءة الصحف التي يعملون بها للتعرف على اساليب تغطية الصحيفة للقضايا المختلفة و من خلال الممارسة المباشرة للعمل الصحفي يتعلم المحررين ما الذي يحوز رضا رؤسائه من الصحفيين الاكثر خبرة فيتعلم الموظفين الجدد السياسة التحريرية للصحفية عن طريق الممارسة و الاختلاط بالاستماع لرؤسائهم و تعليقاتهم و مناقشاتهم لمختلف الاخبار ن المحررين الاخرين ([iii]).

- فيما يتعلق بأساليب تنظيم و إدارة العمل بصحيفتي الدراسة: اتسم أسلوب إدارة الصحف بالمركزية و محدودية الممارسات الديموقراطية و تقييد دور المحررين نسبيا في المشاركة في صناعة القرار التحريري و السماح بمستوى متوسط من المشاركة في اتخاذ القرارات التحريرية و انخفض تقييم الصحفيين ببوابة الوطن لمستوى مشاركتهم في صنع القرار التحريري بغرفة الاخبار مقارنة بنظرائهم في بوابة الاهرام الأمر الذي يلقي بتأثيراته السلبية على كفاءة الأداء المهني و الرضا الوظيفي بين القائمين بالاتصال و هو ما يفسر في ضوء انتماء بوابة الوطن للصحف الخاصة و معاناتها من نفس ما تعاني منه الصحف الخاصة المطبوعة من عدم وجود ضوابط حقيقية وضمانات تصون استقلالية المحررين العاملين بها و تؤمن لهم استقرار وظيفي و هو ما أشار اليه محرز غالي من مشكلات تؤثر على أداء الصحف الخاصة ([iv]) - تقدم معيار القدرة على تحقيق ترافيك اعلى للصحيفة في بوابة الوطن عن معايير القيم المهنية للعمل الصحفي مثل التناول التفسيري المتعمق للحدث و كشف الفساد يعكس تصاعد الاهتمام بالقيم الاقتصادية و السعي لتحقيق الأرباح من خلال زيادة عدد الزيارات للموقع و بالتالي زيادة فرص الإعلانات و تحقيق المكاسب المادية على حساب المسئولية المهنية للصحيفة تجاه المتلقي.

أ- بالنسبة لضغوط الروتينية و التنظيمية المؤثرة على أداء الصحفيين بغرف الأخبار.

- تلعب ضغوط العمل الصحفي على الانترنت دورا مؤثرا في تشكيل المنتج الصحفي النهائي و ابرزها هي ضغوط الوقت و المواعيد النهائية المستمرة فضلا عن كم المحتوى المطلوب انتاجه حيث تضاعف حجم العمل المطلوب في الصحافة الالكترونية نظرا لتسارع وتيرة العمل اليومي و سرعة تدفق الاخبار مما يقتضي من الصحفيين في معظم الاحيان امضاء ساعات عمل إضافية لإنجاز حجم العمل اليومي المطلوب الأمر الذي يؤثر بدوره على جودة المنتج الصحفي و عمق التغطية اللمتلقي و هو ما يتفق مع ما أشار اليه (Karlsson، 2011) ان الصحافة الالكترونية قتلت المفهوم التقليدي للمواعيد النهائية لتسليم الموضوعات "deadline" مخلفة بدلا منه مواعيد نهائية مستمرة “rolling deadline”اي ان كل لحظة تمثل موعدا نهائيا وقد ادى النمو المتسارع لحجم ونوعية الاخبار المنشورة على المواقع الاخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي و تعدد منصات النشر الاعلامي الى تحولا جوهريا في طريقة تحرير القصص الاخبارية حيث تحولت المواعيد النهائية المستمرة الى قاعدة في العمل الصحفي و هو ما يمثل ضغطا على المؤسسات الصحفية لتوفير تدفق مستمر من الاخبار و المواد الصحفية لتلبية احتياجات الجمهور([v]).

و هو ما اشارت اليه المقابلات المتعمقة مع القيادات التحريرية لصحيفتي الدراسة في تاكيدها على تأثير ضغوط الوقت على العمل الصحفي " كل لحظة في اليوم هي deadline" ([vi]).

- جاءت الضغوط المتعلقة بأساليب تنظيم و إدارة الصحف مثل أجندة أولويات التغطية التي يضعها رؤساء العمل و توجيهات رؤساء العمل المباشرة اثناء العمل و ضغوط السياسة التحريرية أكثر الضغوط التنظيمية و الإدارية تأثيرا في تشكيل المواد الصحفية في صحيفتي الدراسة و هو ما يشير الى وجود نزعة سلطوية في أنماط الإدارة المتبعة و محدودية الديموقراطية الداخلية في صحيفتي الدراسة وان وجدت فروق في شدة تأثيرها لصالح الصحف الخاصة التي أشار محرريها الى تأثيرها أكثر من محررو بوابة الاهرام التي تنتمي للصحف القومية.

بالإضافة الى الميل الى المركزية في اتخاذ القرار و تركيز السلطة في ايدي القيادات التحريرية.

أوضح التحليل الاحصائي تأثر القائمين بالاتصال في بوابة الوطن بضغوط السياسة التحريرية أكثر من القائمين بالاتصال في بوابة الاهرام و هو ما يفسر في ضوء نمط ملكيتها كصحيفة خاصة تشكل اتجاهات السياسة التحريرية و توجهات المالك فيها الدستور الذي تضعه القيادات التحريرية نصب عينيها و تسعى جاهدة لتطبيقه في المؤسسة حتى يصبح جزء من نسيج ثقافة العمل داخلها دون وجود ضوابط حقيقية وضمانات تصون استقلالية هذه القيادات و استقلالية المحررين العاملين بها.

بالإضافة الى سيادة الطابع السلطوي على منطق إدارة العمل في المؤسسة الصحفية و تغول سلطات القيادات التحريرية على حساب استقلالية المحرر و تتفق دلالة تلك النتيجة مع ما أشار اليه محرز غالي(2010) من ان الصحفيين بالصحف الخاصة اقل شعورا بالاستقلال المهني نظرا لتدخلات الإدارية العليا في شئون الجهاز التحريري