التفكك الأسري عند الآلهة في العراق القديم

الملخص AR

المقدمة تُعد الأسرة من اهم المؤسسات الاجتماعية ذلك أنها تمثل المستوعب للأفراد وحلقة الوصل مع المجتمع بشكله العام , ومن اهم الصفات التي يجب توافرها في الأسرة هي التماسك والتعاضد وان يكون كل فرد منها ملتزما بحقوقه وواجباته , لكن المشكلة تبدأ عندما يكون هناك اختلال في نظام الأسرة , وتظهر عمليات تجاوز أفرادها بعضهم على البعض الآخر , وهو ما يطلق عليه اصطلاحا "التفكك الأسري" .

ولأنّ الآلهة في العراق القديم كانت تمتلك صفات البشر و منها العلاقات الأسرية , وان كثيرا منها كان يتكون من أسر تتألف من ازواج وأبناء وأحفاد وقد وردت معلومات مؤكدة حول العلاقات الأسرية بين الآلهة – تم تثبيتها في الهامش كل حسب موقعه- مع عدم إغفال امر مهم وهو ان قسم من هذه الأسر الإلهية كانت تعيش في مكان واحد ؛ومثال ذلك الأسرة الإلهية المتألفة من انكي وزوجته ننخرساك وبناتهما التي سكنت ارض دلمون , والأسرة الإلهية المتكونة من ابسو وتيامة وأبنائهما وأحفادهما التي سكنت المناطق العليا قبل خلق السماء والأرض .

لقد جاءت أهمية الموضوع في دراسة حالات التفكك الأسري عند الآلهة لأنه يلقي بظلاله على النسق الاجتماعي العام في العراق القديم , فقد اعتقد سكانه ان الدولة في الأرض هي ظل لدولة الآلهة في السماء , ومن ثم فان ما يجري على الآلهة ينطبق على البشر , أي أننا بدراستنا لظاهرة التفكك الأسري عند الآلهة سندرس بالعرض ظاهرة التفكك الأسري عند سكان العراق القديم .

جاءت مشكلة البحث في الإجابة على عدد من الأسئلة وهي : 1.

هل كان هناك تفكك اسري في الأسر الإلهية ؟ 2.

اذا تم إثبات هذا التفكك فمن كان سببا له من جهة الآباء والأزواج والأبناء والإخوان ؟ 3.

تصنيف حالات التفكك حسب المسبب لها .

أما فرضية البحث فهي قائمة على وجود نمط من التفكك الأسري عند الآلهة , اذ ان الآلهة كانت تربط بينها علاقات نسبية وسببية سواء كانت علاقات أبوة أم بنوة أم أخوة أم زواج وهذا موضح في المصادر العراقية القديمة من أساطير وملاحم وتراتيل وغيرها من ضروب الأدب الأخرى , وعمد إلى مناقشتها من جهة المسبب والكيفية والمستويات .

وفيما يخص حدود الدراسة الزمنية والمكانية فقد امتدت زمنيا على مدى التاريخ المدون للعراق القديم والتي وصلتنا منه معلومات مؤكدة - أي بين 2800ق.م حتى نهاية الحكم المستقل للعراق القديم نحو 539 ق.م - .

اما منهج البحث العلمي الذي تم استخدامه في هذا البحث فكان المنهج الوصفي فضلا عن المنهج التحليلي.

اعتمد البحث طيفا من المصادر ذات العلاقة بالموضوع ولاسيما التي تناولت الجانب الديني من حضارة العراق القديم , كان منها : كتاب الأستاذ رينيه لابات الموسوم : المعتقدات الدينية في بلاد وادي الرافدين, وكتاب الأستاذ الكسندر هايدل : الخليقة البابلية , وكتاب الدكتور فاضل عبد الواحد علي : سومر أسطورة وملحمة , فضلا عن المصادر العربية والأجنبية الأخرى ذات العلاقة الوثيقة بالموضوع.

أما ما يخص الدراسات السابقة فتعد رسالة الماجستير الموسومة : (التطاول على الآلهة في بلاد الرافدين في ضوء النصوص الأدبية القديم – دراسة تاريخية) للطالبة صفاء جاسم حسن - وهي مسجلة في قسم التاريخ / كلية التربية ( ابن رشد ) / جامعة بغداد / 2014 - من الدراسات القريبة من موضوع بحثنا هذا , إلا أنها ناقشت الأمر بشكل عام بين الآلهة ولم تركز على الصلات الأسرية بينها , و من المعروف ان التطاول لا يعني بالضرورة التفكك الأسري , اذ انه يمثل جزئية من جزئيات التفكك الأسري , وقد تناولت الباحثة نماذج محدودة للتطاول بين الأسر الإلهية ولم يتم استقصاء تام لهذه الحالات ومثال على النماذج التي لم يتم ذكرها في هذه الرسالة : ما جرى بين ابسو وأبنائه وبين تيامة وأبنائها, فضلا عما جرى بين الأبناء وآبائهم في كل من حالتي ابسو وتيامة , وحالات التفكك الأسري بين عشتار وأبيها انكي وعشتار وأبيها انو والإله انكي وبناته والإلهة عشتار وزوجها دموزي .

وفيما يتعلق الأمر بخطة البحث فقد تم تقسيمه على عدد من الفقرات هي : التمهيد الذي تعرض لتوضيح مفردتي العنوان وهما : التفكك الأسري والأسرة, وتحديدهما لغة واصطلاحا ثم باللغات العراقية القديمة , ومن ثم درس عدد من المطالب هي : أولا – التفكك على مستوى الآباء ثانيا – التفكك على مستوى الأزواج ثالثا- التفكك على مستوى الإخوان رابعا – التفكك على مستوى الأبناء علما انه سيتم في كل فقرة مناقشة سبب كل تفكك ونتائجه ومن هي الأطراف في الأسرة التي كانت تقف ورائه