السياسات العامة : رؤية في عوامل التطور و المدراس الفكرية و المفهوم

الملخص AR

حظيت السياسة العامة باهتمام بالغ من قبل علماء السياسة الغربيين و خاصة الامريكيين منهم بسبب اثار و انعكاسات الحرب العالمية الثانية، فكثير منهم اتجه نحو دراسة و تحليل و تفسير هذه السياسات و تحديد التخصصات الفرعية لها، و تبلورت الكثير من المنظمات و المؤسسات المتخصصة بدراستها و ظهرت العديد من المجلات العلمية المهتمة بقضايا السياسات العامة و موضوعاتها بالشكل الذي جعلها تتطور و تنمو لتصبح الاداة الحكومية الاساسية في معالجة مشكلات المجتمع و تقديم الخدمات العامة له.

لكن على الرغم من كثرة البحوث و الدراسات و الكتب التي نشرت حول ميدان السياسات العامة في الادبيات الغربية و خاصة الامريكية منها، و على الرغم من انتشار المصطلح بشكل كبير و واسع في بلداننا العربية، الا ان واقع هذا الميدان العلمي الجديد الذي ظهر اول مرة في الجامعات الامريكية و تطور و تمدد الى بقية الجامعات في دول العالم لا يزال يعاني من عدم الوضوح في الاستخدام و الطرح الفكري و حتى الأكاديمي له و لعل سبب ذلك هو الضبابية في استخدام هذا المصطلح من جهة، و تداخل مفهوم السياسة العامة مع مصطلحات و مفاهيم اخرى بحيث اصبح من الصعب التمييز بينه و بين ميادين علم السياسة الاخرى، فضلا عن عدم وضوح وظيفة السياسات العامة بالمقارنة مع الادوات الحكومية الاخرى، و اذا كانت هذه الاشكالية اكاديمية و فكرية فان اثارها امتدت الى العمل الحكومي و التشريعي الذي لم يستفد كثيرا من أدبيات و أفكار و مساهمات السياسة العامة في حل المشكلات المجتمعية، على عكس الدول المتقدمة و خاصة الولايات المتحدة الامريكية التي جعلت من السياسة العامة الاداة الرئيسية في مواجهة مطالب المجتمع و حل مشكلاته المتعددة.