سياسة النظام الإسلامي و النظم الوضعية المعاصرة لحق الإنسان في اللجوء و معاملتها للاجئين (الأقليات)‎ : دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون

المؤلف

الخطيب، سعد محمود ناصر

المصدر

مجلة الجامعة العراقية

العدد

المجلد 21، العدد 43، ج. 1 (30 إبريل/نيسان 2019)، ص ص. 112-146، 35ص.

الناشر

الجامعة العراقية مركز البحوث و الدراسات الإسلامية

تاريخ النشر

2019-04-30

دولة النشر

العراق

عدد الصفحات

35

التخصصات الرئيسية

الدراسات الإسلامية

الموضوعات

الملخص AR

فقد نظم الإسلام مناحي الحياة كافة الاقتصادية و الثقافية و العسكرية و السياسية و الاجتماعية ووضع لكل جانب من جوانبه نظاما محكما متماسكا لا يدانيه أي نظام في العالم و كان أحد أنظمته نظام حقوق الإنسان لإيصال البشر لحياة حرة و عيش رغيد، و إقامة النظام الرصين المبني على أسس العدل و المساواة و الحرية وبقية الحقوق الشرعية، و من أهم هذه الجوانب التي عني الإسلام بها هي حق الإنسان في اللجوء و حصوله على حق المواطنة، و تمتعه بكافة حقوقه المشروعة دون تميز بين مسلم و غيره، وقد سعى الإسلام جاهدا لإقامة المجتمع المتكامل و الذي يجمع و لا يفرق و يسعى لبناء مجتمع متماسك يأخذ كل دوره في تقدمه و ازدهاره كما يسمونها اليوم بمجتمع الوحدة الوطنية، وقد عاش المسلمون و اليهود و النصارى وغيرهم من الأقليات الدينية في ظل هذا النظام الإسلامي كلاجئين أو مواطنين متمتعين بكافة حقوقهم و امتيازاتهم، و كان أولى خطوات النبي الكريم محمد بأن وضع الدستور لشعب المدينة و لكل من يعيش في كنفها ليعرف كل إنسان حقه وواجباته دون ظلم أو إقصاء أو تمييز.

يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي في معرض كلامه عن صحيفة المدينة " و كان هذا العهد دستورا لأهل المدينة جميعا، مسلمين وغير مسلمين، لم يترك صغيرة و لا كبيرة تؤدي إلى الألفة و المحبة و التعاون إلا نص عليها و قررها.

و بهذا يكون النبي ، قد أقام وحدة وطنية داخل المدينة يعمل الجميع في إطارها، و يلتزمون بكل بنودها، متمتعين بعدل الإسلام و سماحته، لكل منهم حقوق وعليه و اجبات، و من وفي فله الوفاء، و من نقض العهد فعليه أثم ما نقض و عقاب ما جنى.

و إذا كان اليهود أقلية في مجتمع المدينة، فإن الإسلام جعل لهذه الأقلية حقوقا، و جعل عليها و اجبات، و هذا هو شأن الحكم العادل الذي لا يعتدي على ضعيف أو يظلمه و لا ينكر حقا من حقوقه، ما دام يؤدي عليه من و اجبات، فالكل سواسية أمام القانون و من يأثم أمام القانون فإنما أثمه على نفسه ".

ثم يضيف الشيخ الشعراوي " إن اعتراف الوثيقة بجماعة المختلفين، ثم وصفهم بالأمة الواحدة يؤكد أن الألفة بين الجماعات على أرض و احدة، هي حجر الأساس في بناء الوطن، و مصباح الطريق إلى مستقبل قوي و عزيز لهذا الوطن.

وعلينا إن نضرب الأمثال من تراثنا التاريخي و تراثنا الديني، وأول هذه الأمثال ((صحيفة المدينة))، لعل العالم يفتح عينيه من جديد على ما يحمل الإسلام من فكر متقدم في حقوق الإنسان، و حقوق المواطنة، وحرية التدين و إنكار التصفيات العرقية، لأن لكل إنسان حق الحياة الكريمة، الوادعة التي يؤدي فيها واجباته و يأخذ حقوقه.

إن الإسلام هو صاحب مبدأ الوحدة الوطنية بين الأكثرية و الأقلية، و بين المختلفين في العقائد على السواء ".

إن الآيات و الأحاديث التي تمجد و تعلي مرتبة الإنسان فوق كل المخلوقات، تتناول الإنسان لذات لا لاعتقاده، من حيث هو تكوين بشري، و قبل إن يصبح مسلما أو نصرانيا أو يهوديا أو غير ذلك، و قبل إن يصبح أبيض أو أسود أو اصفر، لقد صان النظام الإسلامي حقوق البشر على مر العصور السابقة و ما وصلت إليه المجتمعات الإسلامية من رعاية الحقوق و الحريات للمسلمين وغيرهم ممن عاشوا في كنف النظام الإسلامي إلا خير دليل على ذلك، وكيف استطاعوا أن يكونوا جزءا من هذه النظام، متمتعين بكافة امتيازاتهم و استحقاقاتهم التي يتمتع بها المسلم، لا فرق بينهم مستدلا بنصوص القرآن الكريم و السنة النبوية ووقائع التاريخ الإسلامي و باعترافاترعاياهم القاطنين في الدول الإسلامية، أو المنصفين من بعض المستشرقين.

يقول المستشرق البريطاني(مونتجمري و اط): " إن فكرة (الأمة) كما جاء بها الإسلام، هي الفكرة البديعة التي لم يسبق إليها، ولم تزل إلى هذا الزمن ينبوعا لكل فيض من فيوض الأيمان تدفع بالمسلمين إلى الوحدة في (أمة) واحدة تختفي في فيها حواجز الأجناس و اللغات، و عصبيات النسب و السلالة، وقد تفرد الإسلام بخلق هذه الوحدة بين أتباعه، فاشتملت أمته على أقوام من العرب و الفرس و الهنود و المغول و الصينيين و البربر و السود و البيض على تباعد الأقطار، و تفاوت المصالح، ولم يخرج أحد من حظيرة هذه الأمة لينشق عليها و يقطع الصلة بينه و بينها ".

لقد تعالت الأصوات التي تنادي بحقوق الإنسان من الدول الغربية وغيرها في كثير من مواثيقهم و إعلاناتهم الدولية، و خاصة بعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و التي بدورها تحاول أن تظهر للناس اهتمامها بشأن الإنسان و حقوقه و لكنها حبر على و رق، فما يحصل اليوم في بورما وفي الهند و الصين الشعبية وروسيا من انتهاكات صارخة و معلنة إلا هو خير دليل على كذبهم و خداعهم، فما قام به البوذيون في بورما من قتل للمسلمين و اغتصاب نسائهم و حرق أولادهم وهم أحياء و تدمير للمساجد و البيوت و تهجيرهم منها على مرأى و مسمع من العالم الغربي و العربي، و إبادة للجنس البشري، و القيام بكل الأفعال التي اعتبرتها المحكمة الجنائية الدولية جرما، وهي (جريمة الإبادة الجماعية) و (جرائم ضد الإنسانية)، و (جرائم الحرب)، و (جريمة العدوان) المنصوص عليها في المحكمة الجنائية الدولية، وهي حصرا من اختصاصها، ولم تقم هذه المحكمة بمحاكمة هذه الدول المنتهكة لهذه الحقوق، وكل هذا لا يعتبر جريمة حرب في وجه نظر بعض دول مجلس الأمن صاحبة حق الفيتو (النقض)، و الذي بدوره يحق لدول معينة إن تتخذ قرارات لتدمير شعوب بكاملها، و إبادة الجنس البشري على حساب مصالحها و معتقداتها، بحجة حماية حقوق الإنسان و تكييف هذه الحقوق بما يلائم توجهاتها و استحواذ فئة معينة من الغرب أو ممن يريدونهم بحمايتهم لهم، علما أنها تتحكم بمصير(189) دولة، و كان أن حق الفيتو كان سببا لمقتل (20) مليون شخص لوقوفه (279) مرة عقبة في وجه نشاط مجلس الأمن في (100) حالة نزاع جسيمة في العالم، و الأدهى من ذلك لجوء المضطهدين و المشردين لدول مجاورة فرارا من الموت، و تقوم هذه الدول بوضعهم في مخيمات كلاجئين وهي لا تصلح للعيش البشري مع صمت مخيف لأكثر الدول، و بعضهم شردوا إلى بنغلادش و بنغلادش ترفض منحهم حق اللجوء إليها، و هيئة الأمم المتحدة لا تحرك ساكنا لا من مجلس الأمن و لا من غيره، و لا الجامعة العربية و لا حتى الدول الإسلامية.

إضافة للنقض الذي استخدمته روسيا و الصين علنا وبقية دول مجلس الأمن سرا ضد سوريا، و ما خلفه من تدمير شامل لهذا البلد قتل و تشريد و اغتصاب و حرق و أخيرا القنابل الكيميائية، يقول المؤرخ البريطاني (آرنولد توينبي)" ميثاق هيئة الأمم المتحدة ميثاق سخيف لأنه تضمن حق الفيتو للدول الكبرى الذي يمكن بموجبه إجهاض إي قرار لنصرة المظلوم "، و ما فعلته إسرائيل بفلسطين و أمريكيا و بريطانيا في العراق و نحن اليوم نعيش في ويلات الاحتلال و مخلفاته.

يقول( تشالرزرايت ملز) في كتابه (الصفوة الحاكمة في أمريكيا) " إن كل ما تم تشريعه من قوانين تشيد بحقوق الإنسان قد ظلت مجرد حبرا على و رق، بحيث لا يؤمن الفرد بأي شيء و يصبح لقمة سائغة للذين يريدون صياغة تفكيره حسب أهوائهم، فلا يعود له هدف في هذه الحياة سوى تحصيل اللذة أيا كانت الوسيلة، و الأيمان بالقوة و العنف و هذا هو سر القلق الذي يجتاح نفوس كثير من الناس" و سأعرض في بحثي كثيرا من المناقضات الواردة في مواثيقهم و إعلاناتهم الدولية التي قاموا بارتكابها بشعوبنا المسلمة في دولهم، أو دعمهم لأنظمة معينة تلائم معتقداتهم و توجهاتهم.

و كان سبب اختياري للموضوع هو ما روج له الغرب بأن الدين الإسلامي دين إرهاب و عنف و قتل وغيرها من التهم الباطلة، إضافة لما حصل و يحصل من انتهاك لحقوق الإنسان في الغرب، و اضطهاد للشعوب المسلمة في دولهم (الأقليات المسلمة) بعد السنوات التي تلت الإعلانات و المواثيق الدولية و الدساتير المزيفة و المبرقعة بإكذوبة حقوق الإنسان، التي ينادون بها في هذه الحقبة من الزمن مقارنا ذلك بالنظام الإسلامي الرصين.

فكان بحثي المتواضع الموسوم بـ (سياسة النظام الإسلامي و النظم الوضعية المعاصرة لحق الإنسان في اللجوء و معاملتها للاجئين (الأقليات) _دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون_ ـ وقد تضمن هذا البحث على ثلاث مباحث: -المبحث الأول: التعريف بمفردات الموضوع وفيه مطالب: المطلب الأول: تعريف السياسة و الحق لغة و اصطلاحا.

المطلب الثاني: تعريف الحق عند الفقهاء القدامى و المعاصرين.

المطلب الثالث: تعريف الحق عند القانونيين مع تعريف الأقليات قانونا.

المبحث الثاني: حق اللجوء في الشريعة الإسلامية و الأنظمة الوضعية وفيه مطالب: المطلب الأول: تعريف اللجوء و مشروعيته و طبيعته في الشريعة الإسلامية مع بيان أحكامه.

المطلب الثاني: تعامل النظام الإسلامي مع الذميين و المستأمنين وغيرهم في ظل النظام الإسلامي و الحقوق و الامتيازات التي منحت لهم.

المطلب الثالث: تعامل الغرب في ظل الأنظمة الغربية الوضعية مع المسلمين القاطنين في بلدانهم أو اللاجئين إليها و مناقضاتهم لحقوق الإنسان.

المبحث الثالث: اعترافات المستشرقين بعلو منزلة الإسلام في تعامله مع غير المسلمين وفيه مطالب: المطلب الأول: اعترافات المستشرقين بسماحة الإسلام مع الأقليات القاطنة في الدولة الإسلامية و اللاجئين إليها.

المطلب الثاني: الحكم الإسلامي خير من الحكم العلماني و اعترافات بعض النصارى بذلك المبحث الرابع: حق الإنسان في الحياة والمواطنة وحرية التدين في الأنظمة الوضعية، وفيه مطلبان: المطلب الأول: حقوق الإنسان في المواثيق و الإعلانات الدولية.

المطلب الثاني: حقوق الإنسان في الدساتير المحلية.

ثم ختمت البحث بخاتمة بينت فيها أهم النتائج و التوصيات: المبحث الأول: التعريف بمفردات الموضوع وفيه مطالب: المطلب الأول: تعريف السياسة و الحق لغة و اصطلاحا: السياسة لغة: مصدر مشتق من الفعل الثلاثي )ساس( يسوس سياسة بكسر السين، و تأتي في اللغة على عدة معان و الذي يهمنا منها: القيام بالأمر وعليه - و منه قولهم: ساس الأمر سياسة، أي: قام به أو دبره وقام بأمره( ).

و بذا صح وصف الممارس للأمور المجرب لها بأنه مجرب قد ساس أو سيس عليه: أي أمر و أمر( ) عليه وفي هذا المعنى يأتي قوله : «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء»( ).

أي تتولى أمرهم و تقوم على شؤونهم و تحملهم على النهج القويم كما يفعل الأمراء و الولاة بالرعية( )وهذا المعنى أقرب المعاني للمعنى الاصطلاحي.

نمط استشهاد جمعية علماء النفس الأمريكية (APA)

الخطيب، سعد محمود ناصر. 2019. سياسة النظام الإسلامي و النظم الوضعية المعاصرة لحق الإنسان في اللجوء و معاملتها للاجئين (الأقليات) : دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون. مجلة الجامعة العراقية،مج. 21، ع. 43، ج. 1، ص ص. 112-146.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1243317

نمط استشهاد الجمعية الأمريكية للغات الحديثة (MLA)

الخطيب، سعد محمود ناصر. سياسة النظام الإسلامي و النظم الوضعية المعاصرة لحق الإنسان في اللجوء و معاملتها للاجئين (الأقليات) : دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون. مجلة الجامعة العراقية مج. 21، ع. 43، ج. 1 (2019)، ص ص. 112-146.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1243317

نمط استشهاد الجمعية الطبية الأمريكية (AMA)

الخطيب، سعد محمود ناصر. سياسة النظام الإسلامي و النظم الوضعية المعاصرة لحق الإنسان في اللجوء و معاملتها للاجئين (الأقليات) : دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون. مجلة الجامعة العراقية. 2019. مج. 21، ع. 43، ج. 1، ص ص. 112-146.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1243317

نوع البيانات

مقالات

لغة النص

العربية

الملاحظات

-

رقم السجل

BIM-1243317