زيارة الأربعين في الصحافة النجفية : صحافة العهد الملكي نموذجا

الملخص AR

يمثل تاريخ الصحافة جانبا مهما في الدراسات الإعلامية و التاريخية فمنذ وقت مبكر و قبل ان تكون هنالك دراسات صحفية متخصصة عمد المؤرخون على التنقيب في الصحف و اعتمادها مصدرا مهما من مصادر التاريخ و لأن مدينة النجف شهدت منذ وقت مبكر نهضة صحفية تمثلت في صدور مجلة العلم عام 1910م و كانت أول مجلة في العراق يصدرها شخص إذ لم تصدر قبلها سوى ثلاث مجلات دينية اصدرتها مؤسسات و إرساليات مسيحية.

ثم ان مدينة النجف نفسها بثقافتها و مركزها الديني الذي أحرزته لضمها رفاة الامام علي و ما يمثله ذلك من قدسية لدى الشيعة حيث ظلت النجف المدينة المقدسة التي يحج إليها أفواج من الشيعة من مختلف البلدان للتبرك بزيارة مرقد الإمام علي أو للدراسة في معاهدها الدينية و ما تركته هذه الأفواج من تمازج ثقافي كان له الأثر البعيد في خصوصية هذه المدينة.

تكمن أهمية دراسة زيارة الأربعين في الصحافة النجفية في العهد الملكي بقدرتها على إعطائنا صورا مختلفة عن طبيعة الشعائر و الطقوس السائدة في المجتمع النجفي التي كانت و لا زالت تمثل تجسيدا لتلك الأهداف السامية التي كان يتطلع إليها الإمام الحسين في ظل دولة الجور و الارهاب و انتهاك الحقوق و ضرب القيم الانسانية.

قسمت الدراسة الى خاتمة و مبحثين فضلا عن قائمة المصادر و المراجع فقد تناول المبحث الاول: نشأة الصحافة النجفية و تأسيسها مركزا على البيئة الثقافية النجفية و تاريخ الطباعة و الصحافة وجاء المبحث الثاني حاملا عنوان: زيارة الأربعين في الصحافة النجفية صحف العهد الملكي متضمنا نبذة مختصرة عن كل مجلة و مراسيم الزيارة و أعداد الزائرين في جريدة النجف و مجلة الغري و البيان و الدليل النجفية.

اعتمدت الدراسة على كم من المصادر و المراجع أبرزها صحافة العهد الملكي التي هي موضوع الدراسة و كتاب هاشم نغيمش الزوبعي المعنون صحافة النجف و ثقافتها دراسة تحليلية في صحافة النجف لما له من أهمية في دراسة الصحافة النجفية و اتجاهاتها الدينية و السياسية و الأدبية و كتاب ماضي النجف و حاضرها للمؤلف جعفر باقر محبوبه وغيرها من المصادر و المراجع.

إذ تختلف وسائل التوعية باختلاف البيئات فلكل محيط وسيلته المقبولة عنده و من طريقها تنبعث التوعية لتوقظ المشاعر و العقول على المستويات كافة و بذلك تكون رسالة الصحافة إحدى هذه الوسائل التي تساعد على توعية الشعوب و ما توصلت إليه هذه ورقة العمل من استنتاجات يمكن إدراجها في النقاط الآتية: تعبر الصحافة بشكل واضح عن مستوى تطور حركة المجتمع في أي بلد كان و تبين عملية التطور هذه سواء كان في جوانبها الفنية أم المهنية أم القانونية و من هذا المنطلق غدت الصحافة النجفية في عملية تطورها التاريخي الذي امتد من عام 1908.

حاولت الصحافة النجفية تقديم خدمة صحفية رصينة وجيدة وواعية للرأي العام.

إن هذا الأمر جاء من حقيقة أن الصحافة هي إحدى الوسائل المهمة في بناء المجتمع و رسمت إتجاهاته الثقافية في الرؤى و الأفكار و لكن رسالتها كان عليها أن تصل بلغة رصينة و صحافة جادة تحظى باحترام القارئ و تقديره.

تمتعت مدينة النجف بالصفة العلمية و الدينية و الأدبية فلا مراء أن تكون الصفة الغالبة على صحافتها هي الطابع الديني و الأدبي حيث اشتغل رجال الدين و الادباء و المثقفون على نشر تعاليم الدين الاسلامي و الدعوة لبناء المجتمع و معالجة الغزو الفكري عبر قنوات الصحف و المجلات النجفية.

إن الأعمال العزائية التي يقوم بها المؤمنون خلال أيام زيارة الأربعين إنما يعبرون بها عن دعمهم و تأييدهم للخير و العدل و الحق و استنكارهم وكرههم للظلم و الباطل.

إن الشعائر و الممارسات التي تؤدي خلال زيارة الأربعين هي بمثابة رموز شعائرية تؤكد القيم الدينية و تعالجها وهي طريقة للتذكير بما جرى في الماضي الذي يمثل تراثنا إسلاميا و الحفاظ عليه من الضياع فهي تضمن استمرارية و اتصال الماضي بالحاضر و المستقبل من خلال إعادتها و التركيز عليها و تكرارها وتوليد رموز جديدة لها.