قراءة نفسية لأحاديث الإمام الحسين عليه السلام في واقعة الطف

المؤلف

سكر، حيدر كريم

المصدر

مجلة الكلية الإسلامية الجامعة : مجلة علمية فصلية محكمة

الناشر

الجامعة الإسلامية في النجف الأشرف

تاريخ النشر

2017-09-30

دولة النشر

العراق

عدد الصفحات

16

التخصصات الرئيسية

الدراسات الإسلامية

الموضوعات

الملخص العربي

في البداية لابد من وصف عام للشخصية من حيث توافقها و عدم توافقها و المعروف في الدراسات النفسية ان الشخصية غير السوية هي تلك الشخصية التي تعاني من الاضطراب و المرض و من عدم القدرة على التعايش مع الاخرين بصورة طبيعية، في حين ان الشخصية السوية هي الشخصية الطبيعية المتزنة المتوافقة القادرة على الانفتاح و التعايش مع الاخر بصورة طبيعية، إذ يتضمن مفهوم الشخصية ثلاثة عناصر من خواص الإنسان، وهي افكاره و احاسيسه وسلوكه، و لكل فرد نمط خاص في التفكير و الإحساس والسلوك، سببه اختلاف العوامل الجينية الموروثة و عوامل البيئة الاجتماعية و الثقافية التي تؤثر في التفكير و الإحساس و السلوك، و بذلك ينفرد كل شخص عن الأخر بمجموعة متميزة من الخصائص و الخصال والسمات و انماط السلوك ذات الطابع الدائم والمستمر التي ترافقه طوال حياته ما لم يحدث طارئ يغير نمط شخصيته.

و تتميز الشخصية السوية عن الشخصية المضطربة بقدرتها على المرونة في التفكير و الإحساس والسلوك في المواقف الاجتماعية و الشخصية المختلفة، يعني ذلك ان الشخص يكون قادرا على الاستفادة من خبراته السابقة في تغيير آرائه و احاسيسه و انفعالاته وسلوكه عندما يحصل على معطيات جديدة تبرر ذلك التغيير، و بذلك تمكنه المرونة هذه ان يتعايش مع الأخرين و يتفاعل معهم و ان يعبر عن افكاره واحاسيسه وسلوكه بطريقة مقبولة من جانب الجماعة التي يتعايش معها، و ان يفكر و يتصرف بطريقة يمكن توقعها في مواقف مختلفة، مثلا يغضب في موقف مثير للغضب، او يخجل في موقف يستدعي الخجل.على هذا الاساس، فإذا ما اردنا دراسة نمط الشخصية فإننا نقف امام نمطين من الشخصية احدهما يمثله مسار الامام الحسين و هو الشخصية السوية السليمة المتزنة المشبعة بالإيمان نتيجة ما توارثه من خصائص وصفات كونه سليل بين النبوة و كذلك ما اكتسبه من صفات سلوكية كونه تعلمها من التنشئة التي نشأ عليها في حجر النبي (عليه افضل السلام والسلام) و ابيه الامام علي وامه الصديقة فاطمة الزهراء فهذه المدرسة التي نشأ فيها، يقابله في الجانب الاخر معسكر يزيد و ما يحمله هذا المعسكر من خصائص غير سوية بالاضطراب وعدم السواء و هذا ما يمكن ملاحظته من خلال التركيز على ما قاموا به من سلوكات وافعال غير سوية وفق ما تنقله كتب التاريخ.

و وفقا للدراسات والابحاث النفسية فإن الشخصية الانسانية تتأثر بعاملي الوراثة و البيئة وما يولد الشخص وهو مزود به من امكانات و تؤديه البيئة من دور في هذه الاستعدادات و الامكانات، ومن هنا يمكن القول ان الامام الحسين وفقاً لنشئته قد، عد الروح الاجتماعية التي تسود طبيعة المجتمع و تشكيله من الجوانب المهمة التي تعمل على تأصيل العلاقة بين الافراد، كما أن التغيرات الطارئة التي تحدث في المجتمع قد تقود إلى التدهور و الانحدار، لهذا كان انتقال الحكم إلى بني أمية و اغتصابه عنوة و توارثه من معاوية إلى يزيد، و خلال عشرين عاماً من الامور التي ادت إلى انحدار كل الحياة الاجتماعية في المجتمع الإسلامي حديث التكوين، و الذي بناه الرسول المصطفى فعودة الجاهلية من جديد بثوب ألبسه بنو أمية على البلاد الإسلامية بعد أن هدمه النبي في دعوته الإسلامية و استبدله بمجتمع القيم الإسلامية، و عودة العصبية من جديد كما أظهرها حكام بنو أمية في عصبيتهم لبني جلدتهم، يعد السبب الاجتماعي الأكثر طغياناً و دافعاً منذ البداية، فالحسين ثار من أجل القيم الإسلامية و الشعب المسلم، لقد ثار على يزيد باعتباره ممثلاً للحكم الأموي، هذا الحكم الذي جوع الشعب المسلم، و صرف أموال هذا الشعب في اللذات وشراء الضمائر، و قمع الحركات التحررية، هذا الحكم الذي اضطهد المسلمين من غير العرب وهددهم بالإفناء، و فرق وحدة المسلمين العرب، وبث بينهم العداوة و البغضاء، هذا الحكم الذي شرد ذوي العقيدة السياسية التي لا تنسجم مع سياسة البيت الأموي و قتلهم وقطع عنهم الأرزاق، وصادر أموالهم، هذا الحكم الذي شجع القبيلة على حساب الكيان الاجتماعي للأمة المسلمة وقتل كل نزعة إلى التحرر بواسطة التخدير والدعاية الكاذبة، كل هذا الانحطاط ثار عليه الامام الحسين الشهيد.

إن ثورة الحسين لم تكن أحادية الجانب لا بالمعنى ولا بالمبنى حيث أن معانيها استمدت من الرسالة السماوية وتعاليمها الإلهية، فهو حمل معاني القيم الإنسانية مجتمعة في الدين الإسلامي الحنيف النقي دون التخدير الكاذب كما فعل بنو أمية، عندما حكموا الناس باسم الدين و قاوموا أي تحرك يقوم به الناس باسم الدين أيضاً، أما في مبناه، فقد بنى الإمام الحسين دعوته للثورة على امتداد مبدئية و الده الإمام علي بن أبي طالب.

إن الإمام الحسين هو الامتداد الطبيعي لمنهج آل البيت في التكوين و النشأة، و وجوده كان مكرساً لبسط سيادة قيم هذا الخط على عامة الناس من خلال ما يقوله و ما يدعو إليه، فهو على حق بكل ما يدعو إليه وبكل ما يقوله، فهو يدعو إلى تصحيح مسار الحياة السياسية و الاجتماعية، فكان الإمام الحسين هو الرجل الذي يستطيع أن يثبت على تعاليم النبي الأكرم دون رياء أو تحريف أو مواربة، و هو القادر على تجسيد مبدئية الامام علي بن أبي طالب وهو القادر بأن يفضح الحكام الأمويين و يكشف زيفهم، و أن يتوجه للشهادة طوعاً وبعزم أكيد ضد دولة الظلم والكفر و العدوان إن ثورة الإمام الحسين ثورة أصحاب الحق الذين باتوا غرباء مضطهدين.من خلال ما تقدم يمكن القول توصيف نمط الشخصية التي اتصف بها الامام الحسين هنا بما تحمله من صفات وخصائص منها الايثار و التضحية هي من نمط الشخصية المُصلح، و العمليات النفسية التي يتصف بها هذا النمط هي الموضوعية و المسؤولية الاجتماعية، كما ان الكوامن الايجابية في هذا النمط من الشخصية في الاعتدال وما يمليه عليه ضميره والضبط الذاتي، و إذا ما أردنا النظر إلى ما قام به الامام الحسين من دور فأن الكوامن الايجابية لشخصية الامام تتوافق مع الكوامن الايجابية لنمط الشخصية المصلح، يضاف إلى ذلك ان المجتمع و افراده في تلك الفترة لم ينصروا الامام و تركوه و اهل بيته وحيداً يواجه طغياناً كبيراً تحركه نوازعه الشريرة، و وفقاً لنمط الشخصية المصلحة التي ينتابها الاحباط من كونها قد فقدت الصورة المثالية للمجتمع الذي امامها وهذا ما كان يراه الامام الحسين من ان المجتمع قد فقد صورته المثالية و الكمالية التي كان يتوق اليها، فكل ما يحيط به لا يتناسب و المعايير القياسية التي يحملها و يؤمن بها، و بالتالي فان العالم المحيط به لم يكن متسقاً لهذا فأن استشهاد الامام الحسين يمثل تصدع في نفس كل مسلم غيور، رفض و يرفض الذل والمهانة، فهي واقعة خسر الامام الحسين أهله وعشيرته من أجلها، ولكنه علّم الكون كيف تكون قوة المبادئ، و قوة الإرادة، فمحي أثر يزيد بعد أن عاش مهووساً (مرض الهوس) بمقتل الحسين، و عاش اللوثة العقلية في حياته بفعل ما اقترفه من ذنب، و انمحى أثره بعد موته، و ظل الحسين شاخصاً بذكراه عبر القرون، ذكرى تظل تتجدد عبر العصور.كذلك يمكن القول أن شخصية الامام الحسين تتميز بنمط الشخصية المؤمن, إذ تتحلى شخصيته بأعلى الدرجات في السمات التي تتألف منها نمط الشخصية المؤمن وهي (العلم, و الحلم, و السماحة, و الشجاعة, و الفصاحة, و المحبة في قلوب الإنسانيين), إذ أنه اكتسب من أبويه أعلى المراتب في سمات الطاعة و الإخلاص لله سبحانه وتعالى, و الحكمة والغبطة, و الإيثار, و الصبر, و التواضع, و الصدق، و كل سمة من هذه السمات ينضوي في داخلها العديد من السمات السوية, و الأفعال السلوكية الهادفة إلى نشر الخير لجميع الكائنات.

نوع البيانات

أوراق مؤتمرات

رقم السجل

BIM-1244952

نمط استشهاد جمعية علماء النفس الأمريكية (APA)

سكر، حيدر كريم. 2017-09-30. قراءة نفسية لأحاديث الإمام الحسين عليه السلام في واقعة الطف. المؤتمر العلمي لوقائع جائزة السبط الشهيد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام الدولية للإبداع الفكري (17 : 2016 : الجامعة الإسلامية، النجف الأشرف، العراق). . مج. 11، ع. 43، ج. 5 (عدد خاص) (أيلول 2017)، ص ص. 171-186.النجف، العراق : الكلية الإسلامية الجامعة،.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1244952

نمط استشهاد الجمعية الأمريكية للغات الحديثة (MLA)

سكر، حيدر كريم. قراءة نفسية لأحاديث الإمام الحسين عليه السلام في واقعة الطف. . النجف، العراق : الكلية الإسلامية الجامعة،. 2017-09-30.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1244952

نمط استشهاد الجمعية الطبية الأمريكية (AMA)

سكر، حيدر كريم. قراءة نفسية لأحاديث الإمام الحسين عليه السلام في واقعة الطف. . المؤتمر العلمي لوقائع جائزة السبط الشهيد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام الدولية للإبداع الفكري (17 : 2016 : الجامعة الإسلامية، النجف الأشرف، العراق).
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1244952