مدى تضمن محتوى مقررات التوحيد بالمرحلة الثانوية للقضايا العقدية المعاصرة

الملخص AR

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين أما بعدفإن العقيدة هي أهم العلوم و آكدها على الإطلاق فهي أهم من الأخلاق و الآداب وهي أهم من العبادات و المعاملات إذ هي أول واجب على المكلف وأول ما يطالب به الناس فعندما بعث النبي - صلى الله عليه و سلم - معاذا إلى نحو أهل اليمن قال له: "فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله تعالى" (رواه البخاري في صحيحه رقم 7372).

و لقد أسهم انفتاح العالم الإسلامي على المجتمعات الأخرى في انتشار ألوان من المغريات و المؤثرات ولم يعد البيت ذلك الحصن الذي يتحكم راعيه فيما يدخله و يخرج منه بل أصبح معرضا متنوعا لكل ما ينتجه العالم من نتاج فكري أو مادي لا يخلو هو الآخر من أبعاد فكرية مما يفرض تحديات تربوية أكبر على المعنيين بتربية الشباب و الفتيات خاصة.

و من خصائص الدين الإسلامي المرونة و المعايشة لواقع الناس و استيعاب ما يستجد من قضايا و مشكلات في حياتهم و من نعم الله سبحانه و تعالى علينا في هذه البلاد المباركة و غالب بلادنا الإسلامية العناية بالتعليم الإسلامي في جميع المراحل الدراسية فقد نصت سياسة التعليم بالمملكة العربية السعودية على أن "العلوم الدينية أساسية في جميع سنوات التعليم الابتدائي و المتوسط و الثانوي بفروعه و الثقافة الإسلامية مادة أساسية في جميع سنوات التعليم العالي" (وزارة التربية و التعليم 2010م، ص 3).

و حتى تؤدي مقررات التربية الإسلامية الأهداف التي وضعت من أجلها فترتقي بمستوى وعي الطلاب و الطالبات الديني لابد أن تطور باستمرار لتتماشى مع متطلبات العصر و مع ما تشهده الساحة من متغيرات و مستجدات تتطلب من الطالب و الطالبة فهما أكثر للإسلام و إدراكا للواقع.

و لذا حرصت كثير من الدراسات على بحث سبل ووسائل تطوير مناهج التربية الإسلامية عموما في ضوء القضايا المعاصرة و المستجدات و النوازل في مختلف المراحل التعليمية و مختلف البلدان الإسلامية و منها دراسة شاملة للمراحل الدراسية في عدد من البلدان العربية قام بها سعد و إبراهيم (2003م) بعنوان "التوجهات المستقبلية لمناهج التربية الدينية الإسلامية في الوطن العربي في ظل تحديات العولمة".

و كذلك دراسة البورشيد (2004م)، فكانت عن مدى تضمين القضايا المعاصرة محتوى مناهج التربية الإسلامية بالمرحلة الإعدادية بمملكة البحرين كما قام حماد (2004م)، بتحليل محتوى مساق الثقافة الإسلامية في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة في ضوء قضايا معاصرة.

وأما دراسة الجغيمان (2005م) التي تناولت تقويم مناهج التربية الإسلامية بالمرحلة الثانوية بالسعودية في ضوء القضايا المعاصرة.

و كذلك كثرت الدراسات التي عنيت بتطوير مقرر معين من مقررات التربية الإسلامية كالفقه و الحديث في ضوء النوازل و القضايا المعاصرة في مختلف المراحل التعليمية (المتوسطة و الثانوية و الجامعية).

فمن الدراسات التي اهتمت بتطوير مقرر الحديث دراسة الجلال (2005م) "مدى توافر بعض القضايا العلمية و المعاصرة في كتب الحديث المقررة على طلبة المرحلة الثانوية بالجمهورية اليمنية" و دراسة الجهني (2011م) "دراسة تحليلية للقضايا المعاصرة بمحتوى الثقافة الإسلامية في كتب الحديث و الثقافة الإسلامية للمرحلة الثانوية بالمملكة العربية السعودية".

و من الدرسات التي اهتمت بتطوير مقرر الفقه دراسة المالكي (2008م) بعنوان: "تقويم مقررات الفقه في المرحلة الثانوية في ضوء المستجدات الفقهية المعاصرة" و دراسة الشنقيطي (2009م) "تصور مقترح لفقه النوازل في مقررات الفقه بأقسام الدراسات الإسلامية بكليات التربية بالجامعات السعودية" و كذلك دراسة القحطاني (2009م) "مدى تناول مقررات الفقه بالمرحلة المتوسطة للقضايا الفقهية المعاصرة و اتجاهات الطلاب نحو دراستها" وغيرها كثير.

.

بينما قلت وكادت تنعدم الدراسات التي عنيت بتطوير مقرر التوحيد في ضوء المستجدات المعاصرة وذلك على حد علم الباحثة، كما قلت البحوث في مجال مقررات و كتب التوحيد عموما حيث جاءت في آخر قائمة الموضوعات البحثية في مجال (المقررات و الكتب) من حيث اهتمام الباحثين في جامعة الملك سعود (سالم و البشر، 2005 م، ص 30).

و تنبع ضرورة بحث (مدى تضمن محتوى مقررات التوحيد بالمرحلة الثانوية للقضايا العقدية المعاصرة) على وجه الخصوص من أهمية العقيدة والتوحيد الذي يمثل المحور الرئيس الذي تتفرع منه بقية فروع التربية الإسلامية، فالتوحيد هو الأمر الذي بعث االله من أجله الرسل و أنزل من أجله الكتب و خلق من أجله الثقلين "ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ" (الذاريات: ٥٦)كما يؤكد الحاجة إلى هذا البحث إشارة عدد من الدراسات السابقة إلى مشكلة عدم تناول مقررات التوحيد للقضايا العقدية المعاصرة التي تمس واقع الطلاب، و من ذلك ما ذكره المعجل (2001م): "بعض موضوعات التوحيد لا تتناول واقع الطلاب فالتعليم الديني يترك أثره في المجتمع إذا أحس أن الموضوع يتصل بمطلب من مطالب نموه الجسمي أو العقلي أو الاجتماعي و لكن من الملاحظ أن مناهج التوحيد لا تحقق ذلك خاصة فيما يتعلق بالواقع الاجتماعي للطالب"(ص 162).

و ما ذكره الشافعي (في المعجل (2001م): "كثير من أمثلة الأعمال التي تنافي العقيدة أمثلة لا وجود لها في المجتمع السعودي.

.

و على العكس من ذلك أمثلة معاصرة كان من الممكن أن يعرضها الكتاب و يناقشها"(ص 162).

كما يؤكد الحاجة مثل هذا البحث توصية بعض الدراسات السابقة كدراسة الجهني (2011م): بـ "إجراء دراسة مستقلة للقضايا المعاصرة بمحتوى كتب التوحيد للمرحلة الثانوية لمعرفة مدى توافر القضايا المعاصرة و مدى تضمنها في محتوى تلك الكتب"(ص35).

و لأن المقررات تطور باستمرار، و لأن المستجدات تستجد يوما بعد يوم كانت هذه الدراسة للوقوف على أهم القضايا العقدية المعاصرة التي ينبغي تضمينها في مقررات التوحيد في المرحلة الثانوية و تحليل المقررات في ضوئها و الكشف عن مدى توافرها في محتوى مقررات التوحيد للمرحلة الثانوية.