تفسير سورة القدر من اللوحة الأولى التي تبدأ بقوله : (بسم الله الرحمن الرحيم و به ثقتي)‎ إلى اللوحة الرابعة وتنتهي بقوله (هي منحصرة في العشر الأواخر من رمضان)‎ تأليف الشيخ محمد بن أحمد السحيمي المتوفي سنة 1178 ه

الملخص AR

الحمد لله الذي نور بكتابه القلوب، و أنزله في أوجز لفظ و أعجز أسلوب ؛ فأعيت بلاغته البلغاء، و أبكمت فصاحته الفصحاء، و أذهلت روعته الخطباء، فهو الحجة البالغة، و الدلالة الدامغة، و النعمة الباقية، و العصمة الواقية، و هو شفاء الصدور، و الحكم العدل فيما أحكم و تشابه من الأمور، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن سيدنا محمدا عبد الله و رسوله، وصفي الله و خليله.

أما بعد : "فإن العلوم و إن تباينت أصولها، و شرقت و غربت فصولها، و تعددت أبوابها، و تنوعت أحكامها، إلا أن أعلاها قدرا، و أغلاها مهرا، و أقومها قيلا، و أوضحها سبيلا، و أصحها دليلا، علم التفسير، فهو شمس ضحاها، و بدر دجاها، ولم لا ؛ فشرف كل علم بشرف موضوعه، و موضوع علم التفسير كلام الملك القدير الذي هو منبع كل حكمة، و معدن كل فضيلة، أصل الأصول، و طريق الوصول إلى السعادة في الدنيا و الآخرة بصحبة الحبيب الرسول صلى الله عليه و سلم".

و بعد : فإن لكل أمة حضارة و تراثا ورثه الأبناء عن الآباء، يكون نهوض الأمة مقرونا بإحياءه، و قد تميز العرب بحضارة عريقة، سبقوا بها أمم العالم قبل الإسلام و بعده فكان الحجاز و العراق و الشام و الأندلس و مناطق أخرى من الدولة العربية الإسلامية تزخر بالعلماء و الأدباء و الشعراء و أهل الحديث، و أهل التفسير، و المؤرخين فألفوا لنا المؤلفات الكثيرة، و تراث كل أمة هو رصيدها الباقي، و ذخيرتها الثابتة، و فرق بين أمة لها موروث تعيش به عبق الماضي وأمة لا موروث لها، و ما حرص الأمة العربية على تراثها ؛ إلا لتعيش حاضرا موصولا بماضيها، و التراث لا شك هو وسيلتنا الوحيدة إلى هذا الوجود الحي، و للحفاظ على وجودنا باعتبارنا أمة عربية و أول ما لنا من هذا التراث : هو اللغة العربية التي كتب بها و التي أثبتت وجودها و اتسعت لحضارات مختلفة.

سبب اختيار المخطوط : لا يخفي ما للتراث من أهمية لنا على وجه العموم، و لا سيما هذا المخطوط ؛ فاردت ان أسهم في خدمة تراثنا الخالد بعد أن بحثت عن أثر من آثار هذا التراث، و في أعظم الموضوعات و أشرفها و أجلها ألا و هو علم التفسير ؛ فشرف كل علم بشرف موضوعه، و موضوع علم التفسير كلام الملك القدير.

لأجل ذلك اخترت هذا الموضوع (تفسير سورة القدر للشيخ أحمد بن محمد السحيمي) من أول لوحة و التي تبدأ ب (بسم الله الرحمن الرحيم و به ثقتي) إلى اللوحة الرابعة وتنتهي بقوله : (منحصرة في العشر الأواخر من رمضان).

خطة البحث : اقتضت طبيعة البحث أن أقسمه على فصلين : الفصل الأول : الفصل الدراسي، و يتضمن ثلاثة مباحث : المبحث الأول : حياة المؤلف الشخصية.

وفيه خمسة مطالب : المطلب الأول : اسمه، و نسبه، و لقبه : المطلب الثاني : المطلب الثاني : مولده و نشأته و وفاته.

المطلب الثالث : صفاته و أخلاقه.

المطلب الرابع : مؤلفاته.

المطلب الخامس : مكانته العلمية و أقوال العلماء فيه.

المطلب السادس : عقيدته و مذهبه الفقهي.

المبحث الثاني : حياة المؤلف العلمية.

وفيه ستة مطالب : المطلب الأول : طلبه للعلم و رحلته.

المطلب الثاني : شيوخه.

المطلب الثالث : تلاميذه.

المبحث الثالث : منهجي في التحقيق، ووصف النسخ الخطية، وفيه مطلبان : المبحث الثالث : دراسة المخطوط المطلب الأول : اسم المخطوط و نسبته إلى مؤلفه : المطلب الثاني : وصف النسخ الخطية.

الفصل الثاني : تحقيق النص المقرر.

و في الختام : أسال الله أن أكون قد وفقت في ما قمت به من خدمة لهذا المخطوط، فالتحقيق ليس بالأمر السهل كما يظنه البعض، فهو عمل شاق وأمانة علمية، و في هذا يقول الجاحظ : " و لربما أراد مؤلف الكتاب أن يصلح تصحيفا أو كلمة ساقطة فيكون إنشاء عشر ورقات من حر اللفظ و شريف المعاني أيسر عليه من إتمام ذلك النقص حتى يرده إلى موضعه من اتصال الكلام" و لست أدعي هذا رفعة لشأن عملي، و لكن بيانا لحقيقة غابت عن الكثيرين فظنوه عملا يسيرا، و بعد فأقول هذا هو جهد مقل، و حسبي أني اجتهدت" وكل ابن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون"، فقد بذلت و لله الحمد قصارى جهدي، لأخرجه بهذا الشكل، فما كان فيه من صواب فما هو إلا من توفيق الله عز وجل و حده، و ما كان فيه من خطأ أو سهو و نسيان فذلك مني و من الشيطان، و الله و رسوله منه برآء و استغفر الله منه ابتداء، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد و على آلة و صحبه أجمعين.