الأساليب المغالطية في المطارحات الحوارية التلفزيونية : برنامج الاتجاه المعاكس أنموذجا

الملخص AR

إن دراسة التضليل او المغالطة هو بالضرورة دراسة العقلية الكامنة وراء هذه المغالطة , اي دراسة مكنونات العقل المنتج للكلام وطرق تفكيره والكشف عن الدلالات الثاوية خلف النص والتي يكشف من خلالها عن النوايا والمقاصد والخطط والقدرات والمواقف ومحاولة تفكيكها وصولا الى الموقف النهائي وبطبيعة الحال فإن اساليب المغالطة ترتبط بشكل وثيق بالفنون الخطابية التي لم تنفك عن ممارسة الاقناع واستخدام اغراءات الاشهار وتسويق الخطابات في زمن ازدادت فيه الصراعات الايديولوجية والسياسية والدينية واصبحت فيه الماكنة الاعلامية السلطة المهيمنة على بقية السلطات بفعل سلطتها اللغوية التي تستميل الجمهور .

فنجاح اي حوار يتوقف اساسا وقبل كل شيء على تحكيم العقل والمنطق قبل مناقشة اي قضية والعكس غير صحيح بلحاظ ان الحوار الذي يظل طريق العقل , فإنه يسير في طريق الحجج المعوجِّة التي تتوسم المغالطة بقصد او بدون قصد على السواء الامر الذي من شأنه ان يقوِّض فرص نجاح الخطاب ويعوِّق الفاعلية الحجاجية ويعطِّل طاقتها .

وقد دأبت الدراسات الحجاجية على استثمار المشغل السوفسطائي وتحديد طرق التعامل مع افانين القول وتعيين انواع السفسطات بقصد توجيه الخطابات نحو الممارسة الفكرية العقلانية الاخلاقية من جانب , وتحصين المتلقي من الانسياق وراء حبائل الخطابات السفسطائية المنحرفة من جهة اخرى .

وقد جسدت الحوارات التلفزيونية , ولا سيما برنامج الاتجاه المعاكس شكلا من اشكال هذه الخطابات التي تكشف عن طبيعة الصراعات السياسية والاجتماعية والدينية والثقافية .

وعبر هذه الحيثيات سوف نحاول في هذا البحث تسليط الضوء على هذه الظاهرة التي اصبحت محل عناية الدارسين واهتمام الباحثين بشكل ملفت للنظر حينما يتعلق الامر بالسفسطة التي اصبحت مشغلا مهما في الفاعلية الحوارية يتوكأ عليها من يعجز عن صوغ الحجج المنطقية الدامغة ويتمترس بها من اراد المناطحة الفكرية بأيسر الطرق بعيدا عن المطارحة وقبول الرأي الاخر