الفعل البشري في المدرسة السنية الأشعرية : علاقته بالفعل الإلهي و صلته بالوظيفة الوجودية للإنسان

الملخص AR

يهدف هذا البحث إلى الإجابة على إشكاله المحوري المتعلق بعنصر الخصوصية و التميز في منهج و مضمون العرض المعرفي الذي قدمته المدرسة السنية الأشعرية حول سؤال الفعل البشري وموقعه من الفعل الإلهي و المسؤولية الدينية، و علاقة ذلك بالوظيفة الوجودية للإنسان، ذلك السؤال الذي دار حوله كثير من الجدل في الملة الإسلامية، على غرار بقية الملل الأخرى، و هو الجدل الذي تمخضت عنه مواقف كلامية و فلسفية مال بعضها إلى القول بالجبر المحض و سلب الاختيار، كما مال بعضها الآخر إلى القول بالحرية الصرف و إثبات المشيئة الكلية للإنسان، و بين هذين الموقفين و جدث مواقف متعددة بحسب ما يغلب على أصحابها من ميل إلى أحد الموقفين السابقين، و من هذه المواقف المعرفية موقف المدرسة الأشعرية التي قدمت نظرية متكاملة حول الموضوع اشتهرت باسم " نظرية الكسب " أجابت بها على إشكالية الموضوع و فسرت فعل الإنسان بطريقة جمعت فيها بين إثبات الفعل لله مشيئة و خلقا، و إثباته للإنسان قصدا و اكتسابا، فما حقيقة هذه النظرية و ما مرتكزاتها و مبانيها التأسيسية و ما تجلياتها على مستوى الوظيفة الوجودية للإنسان؟ لقد أثبت هذا البحث أن نظرية الكسب قد أبدعها الفكر السني الأشعري بناء على المزاوجة بين النقل و العقل من جهة و بين الواقع و العادة من جهة ثانية، كما أثبت البحث أن هذه النظرية ما جاءت لتدعو الإنسان إلى إسقاط التكاليف، و تعليق فشله و ظلمه على مشجب القدر الإلهي، بل جاءت داعية إلى العمل و بذل الوسع في إطار القصد و الإرادة الإنسانية المشمولة بالإرادة الإلهية الشاملة النافذة، بعيدا عن غرور النجاح و يأس الفشل و الخسران