الطريق الصوفي و سؤال القيمة : قراءة في المقامات الصوفية

الملخص AR

يعتبر السير إلى الله عزوجل مطلبا إيمانيا يقتضيه ميثاق التوحيد الذي أخذه الله على عباده، لذا كان المقصد من السير التحقق بالتكليف الإلهي من خلال ما شرعه من أحكام تحقيقا لمقصد التزكية، و نجد معالم هذا الطريق النوراني في مجمل التكاليف الشرعية التي بثها الشارع الحكيم في نصوص الوحيين، وقد بذل أساطين التزكية و التربية رسم طريق السير إلى الله من خلال استقراء نصوص الوحي و استلهاما لسيرة النبي  من أجل رسم مسار منهجي يسلكه السائر في طريقه إلى الحق، و هو المعبر عنه بالطريق الصوفي، و هو عبارة عن محطات تربوية و تزكوية يعبرها السالك في آفاق نفسه متحققا في كل محطة يعبر فيها بمجموعة من القيم و الأخلاق، مثل التوبة و الصبر و الرضا والتوكل و غيرها، وهي مصطلحات تنبىء عن مشروع قيمي و أخلاقي لصياغة إنسان متحقق بهذه القيم التي تستمد زيت نورها من مشكاة القرآن الكريم و أحوال المصطفي ، هذه المصطلحات المشار إليها في المقامات مصطلحات صيغت بلسان عربي مبين مما يجعلها مترعة بالمعاني و متدفقة.

و سأحاول أن أقف من خلال هذه الورقة على مفهوم هذه المقامات كما جاءت على لسان أهلها و أحاول أن استلهم منها القيم لراهن اليوم الذي طغت فيه الحاجات على القيم، و عالم الأشياء على الجواهر و المعاني، و الفردانية على الجماعة، و هو ما جعل حياتنا تفتقر للمعنى و الروح في مختلف مجالات الحياة الساسية و الاقتصادية و الاجتماعية، مما يجعلنا نبحث بعمق عما نداوي به داءنا و نزكي به أنفسنا.