أثر الشريعة في تحقيق الأمن المجتمعي و علاج الظواهر السلبية : التنمر أنموذجا

الملخص AR

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه الطيبين الطاهرين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

.

.

.

، و بعديعد التنمر شكلا من أشكال العنف، و سلوكا عدوانيا بات ظاهرة اجتماعية اتسع نطاقها، و تعددت أساليبها ليس في المجتمع العربي فحسب؛ بل أصبح ظاهرة عالمية استفحل خطرها و أثرها على المجتمع الإنساني بأكمله، و تعددت وجهات نظر العلماء في تحليل هذه الظاهرة، و بيان أسبابها، و الحقيقة أنها لم تكن وليدة اليوم أو الأمس؛ بل قديمة قدم الإنسان على وجه الأرض وفي قصة ابني آدم عليه السلام لعبرة، وقد عالجتها الشرائع السماوية، و كان لعلاجها في شريعتنا الغراء الحظ الوافر، فبينت خطرها و أثرها على الجنس البشري بأكمله، و الذي كرمه الله تعالى و كفل له من الحقوق والواجبات ما يضمن كرامته، و يؤسس لحقوقه؛ إذ جعل الحفاظ على النفس البشرية من أهم القواعد التي قام الدين بصيانتها، فيما يعرف بالكليات الخمس.

أسباب اختيار الموضوع و أهميته: الأمن من أهم مقومات تقدم الأمم و حصول الاستقرار، كما أنه مطلب ضروري تتفق على أهميته جميع الأمم و الشعوب في كل زمان و مكان، و بفقده تضطرب النفوس و تنهدم المصالح و تنحصر الهمم لمجابهته و مواجهة آثاره، و إذا كان الأمن حاجة إنسانية ملحة، لا يستغني عنها فرد أو مجتمع، فإن ذلك يعني بالضرورة وجوب مواجهة ما يخل به من العنف، و معالجة آثاره، و قطع الأسباب الداعية إليه، و ظاهرة التنمر أصبحت تشكل الآن خطرا محدقا يهدد أمن الأفراد و المجتمعات، لا سيما مع انتشار أساليبه و تعددها، فلم يعد مقتصرا على العنف الحسي المباشر؛بل تعدى ذلك لكل أشكاله وصوره الحسية و المعنوية، صراحة أو ضمنا.

و للإسلام منهجه المتفرد في تحقيق الأمن و مكافحة العنف، فهو يهتم بالجوانب التربوية والوقائية التي تمنع وقوع العنف ابتداء، كما يهتم بما يترتب عليه من العقوبات الزاجرة التي تمحو آثاره، و تمنع من معاودته و تكراره.

و هذا بخلاف ما عليه المناهج البشرية، و القوانين الوضعية التي تهتم بمعالجة العنف بعد و قوعه، أكثر من اهتمامها بمنع حدوثه ابتداء، لذا كان من الأهمية عرض البحث لهذه الظاهرة و بيان أسباب انتشارها، و بيان حكم الشرع فيها و معالجته لها بعد أن باتت خطرا يهدد السلم و الأمن العام و الخاص على حد سواء