الإنصاف في بيان حكم إتيان الكاهن و العراف : دراسة حديثية عقدية

الملخص AR

فمن خلال تدريسي لبعض مسائل الاعتقاد وقفت على إشكالية دارجة لدى العديد من أهل العلم المعاصرين و الشراح لمسائل الاعتقاد و أصول الدين عند كلامهم عن الكهان و العرافين و بالأخص مسألة حكم إتيان الكهان و العرافين، ودوران الحكم عندهم بين تكفير من سأل الكهنة و العرافين فصدق أخبارهم و تفسيق من سألهم دون تصديق لهم، و الخلط بين مسألة تصديق خبر الكهان و العرافين لمسائل الغيب النسبي - المستقى بوسائله المتنوعة - و مسألة اعتقاد أن الكاهن يعلم الغيب المطلق - الذي لا يعلمه إلا الله تعالى – و استدلال هؤلاء الفضلاء ببعض الأحاديث و الروايات التي تضمنت الحديث عن المسألة و احتوت على بعض الاختصار و الزيادات في الألفاظ أو الحكم على السائل بسياقات الروايات و الأحاديث التي قد يفهم من ظاهرها الاختلاف في الحكم فظن الناظر في تلك الأحاديث و الروايات أنها تمثل أحكاما مختلفة لأحوال متنوعة.

فأحببت الإشارة إلى هذا الإشكال و بيان سببه من خلال دراسة حديثية دقيقة تبين الجانب العقدي الصحيح في المسألة ؛ فهناك العديد من الإشكالات و المسائل التي تحتاج إلى تسليط الضوء و دراستها؛ من ذلك ما جاء في روايات و ألفاظ و سياقات في حديث (من أتى عرافا فسأله عن شىء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) وهي على النحو التالي: أنه جاء عند بعض من روى الحديث ذكر لفظة ( فصدقه ) بدل فسأله ( عن شيء )، فهل تلك اللفظة صحيحة؟ و إن كانتا صحيحتين فأيهما أصح؟ وهل تصحيح إحداهما على الأخرى يؤثر في الحكم على المسألة، وهل هناك فرق بين ورودهما أو عدم و رودهما؟ الوعيد الوارد في إتيان العراف و سؤاله و هو قوله (لا تقبل له صلاة أربعين ليلة) هل هو مبني على مجرد السؤال؟ أم التصديق؟ وهل هذا الوعيد من قبيل العقاب على المعصية مع إثبات الإسلام له؟ أم أنه أسلوب يراد به تكفير الفاعل و إخراجه عن الإسلام؟ أي بمعنى أوضح هل هو من قبيل المعصية؟ أم من قبيل الكفر الأصغر؟ أم الأكبر؟ وقد اختلفت إجابات العلماء حول هذه المسائل، مما يتطلب نوعا من البحث و محاولة تحرير المسألة من خلال النظر في الأحاديث و الروايات.

وجود نسبة من أهل العلم ربما نسبوا بعض الروايات إلى غير أصحابها بسبب تشابه الروايات – كما سيأتي بيانه - مما يشكل على القارئ أو الباحث