التكرار في الخطاب الصوفي : قراءة صوتية

الملخص AR

مثل الفكر الصوفي حيزا كبيرا لا يستهان به من المنظومة الفكرية الإسلامية، و تميزت بنكهتها الخاصة، و متعة جمالها، و لغتها، و طريقة تنظيمها، في تشكيل تجربة عرفانية فريدة، قائمة على القصدية في أقوالها و أفعالها؛ بل و سائر حركاتها، فاللغة الصوفية شكلت نصا ثريا على المستويات اللغوية المتعددة، و تميزت ببعدها الدلالي مما أسهم بشكل كبير في إثراء الأدب العربي سيما بتلك الإيحاءات الرنانة التي شغلت الدارسين و الباحثين لعقود من الزمن ليتوجهوا بالبحث فيه مستعينين بمختلف الوسائل و الإجراءات التي قد تمكنهم من هضمها و السبر في أغوارها التي كانت و ما زالت عاصية على الكثيرين من خارج دائرة التصوف، و شكلت الصفة عند الصوفية وسيلة كبيرة في توجيه الدلالات المختلفة.

و كان التكرار واحد من أفضل وسائل الصوفية للوصول إلى غاياتهم الفنية و الفكرية، فسمت بذلك مشاعرهم المرهفة التي لطالما تغنت بها الصوفية، و الأبعاد الإيقاعية في صفة التكرار و إن لم تكن هي الغاية عند الصوفية إلا أنها زادت في تجاذب المريدين إلى شيوخ الصوفية و تفاعلهم الكبير مع النص الصوفي شعرا كان أو نثرا؛ بل لربما أثارت نصوصهم مشاعر الكثير من المتلقين و على اختلاف مستوياتهم و قدراتهم التي تباينت بين سطحية الفهم و عمقه، و لذلك نرى أن التداول في النص الصوفي أدى إلى إبراز منجزاتهم الفنية بصورة قد لا تتناسب مع عطائهم الكبير.

و يعتمد البحث في مباحثه توظيف صفة التكرار عند الصوفية و قد سبر عن مقدمة و تمهيد بثلاثة مطالب، و مبحثين، و من ثم خاتمة، أما المبحث الأول فقد تناو ل: (أثر تكرار الحروف عند الصوفية)، و أما المبحث الثاني فقد تناول : (أثر تكرار الكلمات و الجمل عند الصوفية)، و قد أفاد البحث من مجموعة من المصادر الصوفية المهمة ككتاب الفتوحات المكية لابن عربي، و المعجم الصوفي لسعاد الحكيم.