أدب الرحلة و الترحال عند التنيلانيين خلال القرنين (12-13 ه 18-19 م)‎

الملخص AR

إن الرحلات التنيلانية بالمجمل تكتسي أبعادا متعددة تاريخية و جغرافية و سياسية و اقتصادية و اجتماعية و هو ما سيسمح للمطلع عليها من اكتشاف مجموعة من الجوانب المجهولة المرتبطة ببعض الفترات التاريخية سواء في التاريخ المحلي على وجه التخصيص أو التاريخ المغاربي بصفة عامة و التي كانت توضع أمامها علامات استفهام مقلقة بشغور المعلومة أو غموضها في كثير من الأحيان و هذا نظرا لغياب المادة المصدرية و المعرفية الكافية لدراستها و استيعابها، و من الإشكاليات التي تم معالجتها في هذه الدراسة؛ الدور الحضاري لقصر تنيلان و أشهر أعلامه الذين ساهمو في إثراء أدب الرحلة و الترحال، و المنهج المتبع في مدوناتهم، و تفترض هذه الدراسة أن الرحلات التنيلانية لا تخلو من فوائد تاريخية و جغرافية و اجتماعية و اقتصادية هامة، وأن أصحاب هذه الرحلات لم يكونو يقدمون وصفا تقليديا للمناطق التي زاروها و إنما حاولو على قدر الإمكان تقديم معلومات دقيقة، أكثر توصيفية ظهرت فيها لمستهم العلمية و الفكرية من خلال عدد من المواقف التي تبنوها.

و بعد البحث و التقصي توصل البحث إلى عدة نتائج منها: أن الرحلات التنيلانية و إن اختلفت السياقات التاريخية و المرجعية الصوفية و مسالك السفر و طريقة التناول، فإن مؤلفيها ينتمون جميعا إلى النخبة العالمة في بلاد توات، و يصدرون عن مرجعية ثقافية و احدة، كما أن رحلاتهم كانت تنتمي كلها إلى الأدب مقصدا وموضوعا و معجما، و تشترك كلها في التتبع الزمني لمسار الرحلة و ذكر محطاتها و العوائق التي اعترضتها و الأنشطة المختلفة التي ميزتها، و خاصة منها الأنشطة الدينية، و الأنشطة العلمية المتصلة بلقاء العلماء و مذاكرتهم و محاورتهم ومد جسور التواصل معهم.

و من الأبعاد الإجتماعية للرحلات التنيلانية تجاوزها للحدود المحلية في الوصف و التأريخ إلى بعض الأقطار العربية يمكن الاستفادة منها؛ وذلك أنها أشارت إلى العديد من العادات و التقاليد و الأعراف السائدة حينها في بعض القرى و المدن و المداشر سواء المغمورة أو المعلومة في المجتمعات التي كانت في مسار رحلاتهم.