الواقع الافتراضي كوسيط إبداعي في فنون الرسم الرقمي

الملخص AR

"المادة هي الوجه المحسوس للفن""جيروم ستولنيتزJerome Stolnitz "·كان الرسم على جدران الكهوف في عصور ما قبل التاريخ بمثابة الصرخة الأولي للتعبير عن مخاوف الإنسان من الطبيعة و الصراع من أجل البقاء.

.

تلك الصرخة أو ذلك الأثر الأعظم لوجود و ميلاد أول سجل إنساني.

.

صاغة ذلك التلامس بين يد الإنسان الأول و بعض الأتربة و الأصباغ الممتزجة، فكانت بمثابة الوسيط و المادة الأولى في تاريخ البشرية للعمل الفني، و من هنا أدرك الفنان الأول أهمية الوسيط كمادة يتحقق من خلالها تجسد و تحقق العمل الفني.

.

و بمضي الزمن كانت المحاولات الأولى للصناع و الحرفيين و لا سيما الفنانين طوال عدة قرون محاولين السيطرة على خامة عملهم و من ثم تطويعها بما يناسب رغباتهم، ووفق ما يرونه من شاكلة منذ الحضارات القديمة وصولا إلى فناني الحضارة الأوروبية، فقد عرف عن فناني العصور الوسطى و عصر النهضة اهتمامهم البالغ في إعداد الأحبار و الأكاسيد و الأصباغ المكونة لألوانهم.

حتى أضحت طرق التحضير و المزج و من ثم تجهيز الأسطح للعمل تقنية و أسلوبا لا يستهان به في اكتمال الرؤية الإبداعية للفنان.

و بما أن الرسم يمثل حجر الأساس في أي عمل فني، فقد استطاع منذ نشأته و حتى وقتنا الحالي أن يحافظ على مكانته كفن قائما بذاته، يسابق ويساهم فنانوه في تطويره و حداثته بما يلائم مستجدات التقنية وسمات الإبداع المتمرد في العصر الحديث.

.

فجاءت أولى تلك المحاولات على يد الفنان الأسباني "سلفادور دالي Salvador Dali "^· (١٩٠٤م.

: ١٩٨٩م.

) الذي رغب في تجسيد ما يمثل الإبداع في الفراغ من خلال الرسم داخل فقاعة بلاستيكية شفافة ــ شكل (١) ــ و بمرور الوقت استشعر الكثير من الفنانين الرغبة في تجاوز المألوفة من الخامات و مسطحات الإبداع المنبسطة ذات البعدين (الطولي و العرضي).

.

فجاءت الأعمال المركبة و التي اعتبرت بمثابة التمهيد لأعمال التجهيز في الفراغ Installation.

.

حيث الإبداع في فراغ مادي يتسم بالواقعية المكانية.

.

ذلك الواقع الذي استحال مع ثورة التكنولوجيا الرقمية إلى ما يسمى بالواقع الافتراضيReality Virtualحيث معايشة عالم غير موجود من خلال وسط غير مادي، استطاع فنانو الألعاب الإلكترونية والوسائط المتعددة و السينما أن يمتلكوا الحظ الأوفر في صناعته، لنقف على أعتاب عالم جديد يمهد لإبداعات مبتكرة في شتى المجلات و لا سيما الفنون التشكيلية، حيث بدأت العديد من كبرى الشركات العالمية في مجالات البرمجة و الأجهزة الرقمية مثل: جوجل Google و أبلApple و أدوبي Adobe.

.

وغيرهم من الشركات المتخصصة في أجهزة الواقع الافتراضي في إطلاق عدة مشروعات تجريبية لعدد من الفنانين التشكيليين لصياغة إبداعات ناشئة في بيئة الواقع الافتراضي بهدف توظيفه كوسيط و مسطح إبداعي مبتكر لفنون الرسم الرقمي حيث ذلك الفراغ الممتد طولا و عرضا و عمقا، حيث تتلاشى تلك الحدود وذلك الإطار المألوف لمسطح العمل إلى مالا نهاية و تنعدم عوائق الخامة المتعارف عليها.

.

فاتحا الآفاق إلى رؤى إبداعية جديدة في فنون الرسم تتلاشى معها ما عهدناه من تصنيفات الفنون أو قيود الخامة.

لنبدأ بحثنا محاولين استيعاب التقنيات و التجارب الغربية البادئة منذ عدة سنوات، و من ثم كيفية الاستفادة منها و تطويعها بما يناسب رؤيتنا الإبداعية شكلا و موضوعا، وذلك من خلال منهج بحثي يعتمد على توثيق و تحليل الأعمال الفنية المرسومة بواسطة تلك الأساليب المستحدثة للوقوف على إيجابيات و سلبيات ذلك التطور المتنامي للإبداعات الرقمية في فنون الرسم.

· جيروم ستولنتيز: فيلسوف و كاتب أمريكي متخصص في نقد الفنون.

.

ولد في "نيوريوك" عام ١٩٢٥م.

كما تولى منصب رئيس للجمعية الأمريكية للنقد الفني.

.

من أهم أعماله كتاب: "النقد الفني.

.

دراسة جمالية".

· سلفادور دالي: يعتبر من أهم فناني القرن العشرين الميلادي، كما أنه أحد أعلام المدرسة السيريالية.

.

تتميز أعماله الفنية بالغرابة شكلا و موضوعا، و كذلك بشخصيته و تعليقاته و كتاباته غير المألوفة و التي تصل إلى حد اللامعقول.