أقباط مصر في العصر الحروب الصليبية (1095-1291م 490-690ه)‎

الملخص AR

لا يمكن أن يأتي ذكر الحملات الصليبية التي تعرض لها الشرق الإسلامي منذ أواخر القرن 11م و حتى أواخر القرن 13م (1096-1291م/490-690ه) دون أن نتعرض لموقف أقباط مصر من هذه الحروب الصليبية التي حمل المشتركون فيها رايات الصليب، فقد أدرك أقباط مصر حقيقة الحركة الصليبية، و ناضلوا ضد هؤلاء المحتلين وشاركوا المسلمين في الكفاح ضد الصليبيين في نفس الوقت الذي كان فيه الصليبيون يكرهون القبط، بسبب الخلاف الديني و المذهبي بينهما بعد رفض الكنيسة المصرية قرارات مجمع خلقدونية سنة 451م و إعلان انفصالها عن كنيستي روما و القسطنطينية، لقد عاش القبط مع المسلمين في وطنهم مصر، وواجهوا معا الحملات الصليبية و أثبتوا مدى وطنيتهم و احتفظوا لأنفسهم بمراكز مهمة في الحكومة و نالوا ثقة حكام مصر الذين عاملوهم بالتسامح و الاعتدال و الاحترام و ساهموا بجهد كبير في التصدي لخطر الصليبيين، و إفشال الحملات الصليبية على مصر، و عاشوا كما عاش إخوانهم المسلمون متحددين معا من أجل وطنهم مصر
فالعلاقات بينهم و بين المسلمين كانت دائما و دية و طيبة، ولما نر في التاريخ ما يدل على وجود تعصبات دينية، بل ربما وجد من المسلمين من أنصفهم و ذب عنهم، حتى المحن و الشدائد التي مرت بها مصر، فقد عمت جميع السكان على السواء أقباطا كانوا أو مسلمين فقد سادت الألفة بين الإسلام و المسيحية على امتداد تاريخ مصر الإسلامية، و بذل الأقباط أرواحهم و أموالهم في الدفاع عن مصر ضد الحملات الصليبية، وسادت روح العدل و المساواة بين الأهلين في مصر مهما اختلفت ديانتهم حتى وأن قامت بعض الفتن أو المنازعات بين المسلمين و الأقباط، فقد كانت حوادث فجائية لم تؤثر على تلك الحقيقة الواضحة الملموسة وهي أن المصريين قبطا و مسلمين كانوا يعتبرون أنفسهم شعبا واحدا