الآثار الإقتصادية لغسل الأموال

الملخص AR

انتشرت ظاهرة غسل الأموال في أواخر القرن الماضي و تعد من أخطر الظواهر الاقتصادية و التي أخذت تحتل حيزا واسعا في وسائل الاعلام وقد تم استخدام هذا المصطلح (غسل الأموال) للتعبير عن الجرائم الاقتصادية، و نظرا لخطورة عمليات غسل الأموال وجد المشرع من الضروري اصدار تشريع بشأن مكافحة غسل الاموال وذلك في القانون رقم 80 لسنة 2002 بشأن مكافحة غسل الأموال.

و السبب و راء اصدار هذا القانون انتشار و تزايد معدلات جرائم غسل الأموال و هي: أولا – الفساد الإداري: يقصد بالفساد الإدارى انحراف الموظفين عن جادة الصواب و الحق كأن يقبلوا رشاوى من المتعاملين مقابل تسهيل و إنهاء التعاملات و إنجازها خلال فترة قصيرة، حتي لو كانت مخالفة للأحكام القانونية.

فالفساد الإدارى يمون من خلال وجود مجموعة من المسئولين و كبار الشخصيات في الدولة، يقومون بإستغلال نفوذهم و إساءة استعمال و ظائفهم، وذلك عن طريق تقاضى عمولات و رشاوى وهدايا مقابل صفقات محددة، أو إعطاء تراخيص حكومية لبدء نشاطات استثمارية بطرق ملتوية، أو للحصول على خدمات عامة، كالغاز و الكهرباء و الهاتف أو لإرساء مناقصات أو مزايدات لأشخاص معينين دون غيرهم.

^([1])
ثانيا – الفساد المالى: هناك علاقة وثيقة بين الفساد المالى و غسل الأموال، حيث إن غسل الأموال يرجع في جزء كبير منه إلى إستخدام البنوك و المؤسسات المالية الأخرى في عمليات الغسل، وتتورط هذه البنوك والمؤسسات المالية و موظفوها في عمليات الغسل ذاتها، و يتم ذلك بأفعال أو تصرفات أو معاملات يترتب علي القيام بها إخفاء الصفة غير المشروعة لمتحصلات الجريمة أو قطع الصلة بين المتحصلات و مصدرها غير المشروع^([2]).

و أبرز مثال على ذلك هو بنك " الإعتماد و التجارة الدولية " (BCCT)، الذى أطلق عليه "بيتر ترويل " و "لازى جرونى" إمبراطورية الفساد المالى.

^([3])ثالثا – الفساد السياسى: توجد علاقة وطيدة بين الفساد السياسى و غسل الأموال، ذلك أن أهم و أخطر عمليات غسل الأموال تنتج عن سوء استخدام السلطة السياسية بواسطة روؤساء الدول و الحكومات و الأحزاب السياسية و أعضاء المجالس النيابية و أعضاء الحكومة و كبار مسؤولى الدولة، إذ يقترن الفساد السياسى في كثير من الدول باستغلال النفوذ و السلطة، بما تنطبق عليه المقولة السائدة " السلطة مفسدة " لجمع الثروات الطائلة و تهريب الأموال لغسلها و استخدام العائدات المتحصلة منها في اكتساب و اقتناء الأموال العينية بأنواعها كالذهب و المجوهرات و السيارات الفاخرة و العقارات و استبدالها بصكوك مالية، و أسهم و سندات و إعادة استثمارها في مشروعات وشركات لحسابهم الخاص غير خاضعين و لا عابثين بأى قيود تؤثر بالسلب على الاقتصاد القومى.

^([4])رابعا – أسباب أخرى(ازدياد الظاهرة): بالإضافة إلى الأسباب السابقة توجد أسباب أخرى تعمل على ازدياد ظاهرة غسل الأموال و من هذه الأسباب ما يلى: ^([5]) § التطور التقنى و التكنولوجى الذى أدى إلى تحول العالم إلى قرية صغيرة عن طريق ظاهرة العولمة، و ماتسببت فيه من حرية للمعلومات و المعاملات، و إزالة الحواجز التجارية و الجمركية بين الدول.

§ وجود شبكة الانترنت و ماترتب عليها من سهولة في التحويلات الإلكترونية التى يقوم بها العملاء بأنفسهم دون الحاجة إلى رقابة بشرية من السلطات المختصة، مع تطور استخدام شبكات الحاسب الآلى المرتبطة بكافة الأسواق المالية و النقدية، مما يسهل عملية نقل المبالغ الكبيرة من خلال المراكز المالية في العالم.

§ زيادة حجم التجارة الدولية و المعاملات بين رجال الأعمال، أدى إلى زيادة الطلب على البنوك و نمو العلاقات فيما بينهم، و كذا مع عملائهم، و بالتالى استخدام غير قانونى لمثل هذه الخدمات.

§ ظهور اشكال جديدة من اساليب الدفع كالنقود الرقمية، بالإضافة إلى كثرة و تطور المراكز المالية "الأوف شور"؛ حيث تقل الرقابة المالية و المصرفية القانونية، مما يوفر للعملاء سرية مطلقة، و بالتالى حماية المجرمين، و عدم الكشف عنهم.