دور العقيدة الدينية في النشاط الحربي في عصر السلالات السومري المبكر

الملخص AR

لعب الدين دورا هاما فى الحياة العامة و الخاصة لإنسان بلاد النهرين، الذى أدار جوانبها المتعددة وفقا لقاعدة دينية، تعلو بطبيعتها الإلهية فوق الطبيعة البشرية، لذا فقد اعتقد العراقي القديم في جميع مراحله التاريخية بالأصل الإلهي للسلطة، و قدرة الآلهة على السيطرة على البشر، وكانت المؤسسات الدينية هي من تعمل على بث ذلك المعتقد و تقويته، و محاولة السيطرة من خلاله على مجريات الأمور لصالح السلطة السياسية الحاكمة؛ لرفع شأن الملك، وإضفاء هالة من القوة المدفوعة بالطاقة الإلهية، والمحاطة بعنايتها حوله، خاصة فيما يتعلق بأنشطته الحربية، في ظل عقيدة دينية ويقين بالدور الذى يلعبه الإله في رسم مسيرته و تقرير مصيره و شعبه.

ولقد تركزت الفترة التى يشملها هذا البحث على المرحلة الثالثة من عصر السلالات السومري المبكر؛ لتوافر المادة التاريخية و الأثرية في تلك المرحلة عن سابقتيها، حيث تلقي الضوء على الصلات السياسية بين حكومات المدن السومرية، التي تميزت بالطابع الحربي، و حافظ حكامها على الملكية فيها بميدان القتال، في فترة ما بعد الطوفان، فجاءت الرغبة في تأصيل دور العقيدة الدينية في مساندة النشاط الحربي في بلاد النهرين، خاصة و أن الآلهة هي التي أنيط بها هذا الدور، كما مثلت أنماطه فى تلك الفترة الركائز الأولى لما تم اقتفاءه فيما بعد.

و ذلك من خلال الإجابة على ما يلى: ما هى الوسائل التى طوع بها العراقى القديم العقيدة الدينية للوصول لأهدافه ؟ هل كان للتجلى الإلهي دور بالمشاركة بالحرب أم اقتصر على كونه حاميا لها؟ ما هى أنماط المساندة الإلهية ؟ و ما هي دلائلها ؟ و من هي الآلهة التى عول السومري القديم على مساندتها ؟ و كان من نتائج البحث: 1- وظّف السومرى القديم العقيدة والمعطيات الدينية كواجهة؛ لتحقيق أهدافه وطموحاته، مما أفصح عن عقيله حربية فذة، وخبرة فى استخدام إحدى الاستراتيجيات العسكرية فى العصر الحديث و هي الضغط المعنوي، و المعروفة الآن بالحرب النفسية والدعائية.

2- عول السومري القديم على مساندة و دعم آلهته له بميدان القتال، كما نسب لها أدوارا متباينة، فمنها ما جعل مسئولا عن اتخاذ قرار الحرب، و منها ما جعلوه مختصا بتقديم المشورة، و السلاح فضلا عن مسؤلية الإعداد للمعركة و تنفيذها.