مفهوم و أساس مبدأ المواجهة في التحقيق الإدارى

الملخص AR

مقـــــــدمة من المستقر عليها فقها و قضاء، وجوب إحاطة العامل عند توقيع الجزاء، بقدر من الضمانات تمليه المبادئ القانونية العامة، ودون حاجة الى نص يقرر ذلك في كافة المحاكمات الجنائية و التأديبية أيا كان مجال اعمالها، و على ذلك فان ثمة قدرا من الضمانات الجوهرية يجب أن يتوافر كحد أدنى قبل توقيع أي جزاء تأديبي، و هذا القدر تمليه العدالة المجردة و ضمير الإنصاف و الأصول العامة في المحاكمات و إن لم يرد عليه نص، و يستلهم من المبادئ الأولية المقررة بالقوانين الخاصة بالإجراءات في المحاكمات الجنائية أو التأديبية، ذلك أن القرار التأديبي هو في واقع الأمر قضاء عقابي في خصوص الذنب الإداري.

و تتمثل هذه الضمانات، في ضرورة مواجهة العامل بالمخالفات المنسوبة إليه، و استجوابه، وتمكينه من تقديم دفاعه، و العرض على اللجان الاستشارية في بعض التشريعات الأجنبية وحيدة سلطة التأديب، و أخيرا في ضرورة تسبيب القرارات و الأحكام التأديبية.

و تمثل المواجهة الحد الأدنى من الضمانات الأساسية التي يجب كفالتها للمتهم سواء في مرحلة التحقيق أو المحاكمة (^[1])، بمعنى أكثر حسما يمكن القول، إن قواعد الإنصاف و العدالة تستوجب ضرورة إحاطة الموظف المخالف بجملة الأخطاء المنسوبة إليه وتمكينه من الإطلاع على ملفه التأديبي، حتى يتمكن من تقديم دفاعه حسب وجهة نظره وذلك قبل القيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق، الأمر الذى يبعث الطمأنينة في نفوس الموظفين في المجال التأديبي ضد أي تعسف يمكن أن يصدر عن السلطة التأديبية المختصة(^[2]).

و لأهمية هذا المبدأ، حرص المشرع الفرنسي و المصري و الكويتي، على بيان مضمون المبدأ و إجراءات تطبيقه، وذلك بالنص على ضرورة إعلان الموظف بالخطأ المتهم بارتكابه وضمان حقه في الإطلاع على ملف التحقيق حتى يكون على بينه بما هو موجه إليه من التهم المنسوبة إليه.

وعليه سنقوم بتقسيم هذا البحث إلى مطلبين، نتحدث في الأول عن مفهوم مبدأ المواجهة في التحقيق الإداري، بينما نتحدث في الثاني عن الأساس القانوني لمبدأ المواجهة في التحقيق الإداري.

(^[1]) وعليه فإن عوامل فاعليته و نجاح النظام التأديبي، أيا كان النظام التأديبي المطبق في الدولة أي سواء كان نظاما إداريا أم قضائيا أم شبه قضائي، أن يوفر للموظف قدرا أدنى من الضمانات تكفل له الإحساس أو الشعور بالعدالة و الطمأنينة و الأمن في إجراءات المساءلة أو المحاكمة التأديبية، و هذا القدر الادنى من الضمانات تمليه في الواقع قواعد العدالة و الإنصاف أو المبادئ العامة للقانون ودون = =حاجة إلى النص عليها.

راجع د/ رمضان محمد بطيخ، ضمانات التأديب، ندوة التشريعات الحاكمة للخدمة المدنية في الوطن العربي، محور حقوق وواجبات الموظف العام و نظم تأديبه، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، القاهرة، 2009، صـ171.

([2]) د/ عبد العزيز عبد المنعم خليفة، ضمانات التحقيق الإداري و المحاكمات التأديبية، منشأ المعارف، 2003، صـ 127.

و يضيف سيادته" أن مواجهة الموظف بما نسب إليه ارتكابه من مخالفات و إن كانت ضمانه تأديبية إلا أنها في ذات الوقت أمرا ضروريا يقتضيه سير الإجراء التأديبي لتحقيق غايته حيث أنه بدون تلك المواجهة لن تكون هناك محاكمة تأديبية بالمعنى القانوني و التي قوامها اتهام في جريمة يواجه به من اتهم بارتكابها ليتسنى له إبداء دفاعه حياله وبدون ذلك لن نكون في إطار محاكمة تأديبية".

و أيضا راجع د/ صلاح الدين فوزى، المبسوط في القانون الإداري، دار النهضة العربية، 1998، ص 512.