حجية الحكم الجنائي الصادر بالبراءة أمام سلطات التأديب

المؤلف

عبد المجيد عبد الحفيظ سليمان

المصدر

مجلة كلية الحقوق-جامعة المنيا

العدد

المجلد 3، العدد 1 (30 يونيو/حزيران 2020)، ص ص. 65-123، 59ص.

الناشر

جامعة المنيا كلية الحقوق

تاريخ النشر

2020-06-30

دولة النشر

مصر

عدد الصفحات

59

التخصصات الرئيسية

العلوم الاجتماعية (متداخلة التخصصات)

الموضوعات

الملخص AR

المقـــــدمة الدولة باعتبارها شخصا معنويا عاما لا يمكن أن تؤدي رسالتها إلا عن طريق شخص طبيعي هو الموظف العام فهو يدها المنفذه و رأسها المفكر و عقلها المدبر، فالموظف هو العصب النابض في الجهاز الحكومي، و بهذه المثابة تتعدد روابطه و التزاماته وفقا لتعدد الهيئات و المؤسسات التي يتعامل معها و يكون لكل من هذه الروابط النظام القانوني الذي يحكمها، فعلي سبيل المثال رابطة العمل بالحكومة يحكمها قانون الخدمة المدنية، و رابطة العمل بالقطاع العام، تخضع لقانون قطاع الأعمال العام، و رابطة الانتماء لمهنة أو نقابة يحكمها قانون النقابة و آداب المهنة.

ولما كان ما يقع من الموظف فعلا إجراميا تقوم به مسئوليته الجنائية وفي نفس الوقت مسئوليته التأديبية، كما قد تثار مسئوليته المهنية إذا كان عضوا بإحدى النقابات المهنية و كان خطأه مرتبطا بالوظيفة أو المهنة التي يشغلها(1)، و إلي جانب هذه المسئوليات تقوم المسئولية المدنية إذا كان هناك خطأ و ضرر و علاقة سببية تربط بينهما، ومهما تعددت هذه المسئوليات الناشئة عن ذلك الفعل إلا أنه من غير المقبول السماح للأحكام الصادرة بتحديد آثار كل مسئولية من المسئوليات بالتعارض أو التناقض و هو ما يطلق عليه حجية الأمر المقضي و التي تعني أن الحكم القضائي حجة بين الخصوم فيما فصل فيه من حقوق فلا يجوز لأحد الخصوم أن يعود إلي المنازعة فيما قضي به عن طريق رفع دعوى جديدة، و يرجع ذلك إلي أن احترام قوة الشئ المقضي مبدأ أساسي و أصل من الأصول القانونية واجبة الاحترام تمليه الطمأنينة العامة و تقضي به ضرورة استقرار الأوضاع استقرارا ثابتا(2).

وقد تناول كل من المشرع الفرنسي و نظيره المصري حجية الأمر المقضي فقضت المادة 1351 من القانون المدني الفرنسي بأنه "لا محل لحجية الأمر المقضي إلا بالنسبة إلي موضوع الحكم و يجب أن يكون الشخص المطلوب واحدا وأن يكون الطلب مستندا إلي السبب نفسه و قائما بين الخصوم أنفسهم ومقاما منهم أو عليهم بالصفة نفسها"، كما قررتا الحجية كل من المادتين 6، 368 من قانون الإجراءات الجنائية، أما المادة 368 فنصت علي أن "كل شخص برئ علي نحو قانوني لا يجوز القبض عليه أو اتهامه من أجل نفس الوقائع و لو نسب إليه وصف مختلف، أما عن الوضع في التشريع المصري فنصت المادة 101 من قانون الإثبات علي أن "الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق و لا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجة و لكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم و تتعلق بذات الحق محلا و سببا و تقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها".

و إذا كانت حجية الأحكام الجنائية أمام القضاء المدني أمرا بات مستقرا تشريعا وفقها و قضاء فلا يجوز للقاضي إعادة مناقشة الوقائع التي سبق للحكم الجنائي مناقشتها و يعود ذلك لخطورة الأحكام الجنائية لتعلقها بأرواح الناس وحرياتهم و ما تتطلبه بالتالي من ثقة مطلقة، إلا أن الأمر لم يسر علي الوتيرة عينها في مواجهة سلطات التأديب بالرغم من أنه أصبح من المسلم به استقلالية النظام التأديبي عن النظام الجنائي، و إنشاء المحاكم التأديبية كما أن القانون الجنائي قد أفرد أحكاما لحماية الوظيفة العامة.

و إذا كان الأصل العام هو استقلال الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية إلا أن هذا الاستقلال لا يمنع من الارتباط بينهما، و تأسيسا علي ذلك فإنه قد يحاكم الموظف، في ذات الوقت، أمام المحاكم الجنائية و المحاكم التأديبية حال ارتكابه فعل يكون جريمة جنائية و جريمة تأديبية في الوقت عينه مثل سرقة الأموال العامة أو الاعتداء علي رؤسائه.

و من نتائج استقلال الجريمة الجنائية عن الجريمة التأديبية أنه لا تسري قاعدة الجنائي يوقف المدني في النظام التأديبي، إذ أنه لا إلزام علي جهة الإدارة أن توقف الإجراءات التأديبية قبل الموظف انتظارا لنتيجة الفصل في المحاكم الجنائية فلها أن تقدر بحسب الظروف و الملابسات ما إذا كان من الملائم أن تنتظر نتيجة الفصل في المحاكمة الجنائية أو أن الأمر يتطلب تدخلا سريعا دون ترقب نتيجة المحاكمة.

ولما كانت القاعدة العامة هي لا حجية للحكم الجنائي أمام القضاء التأديبي، إلا أنه استثناء من هذا الأصل العام فإنه إذا كان الفعل المنسوب صدوره للموظف أو العامل يشكل جريمة جنائية و أخرى تأديبية و صدر حكم جنائي بات في هذا الخصوص قبل صدور حكم تأديبي بات، فإن الحكم الجنائي يحوز حجية الأمر المقضي أمام القضاء التأديبي، إذ يمتنع علي السلطات التأديبية إعادة بحث ما فصل فيه الحكم الجنائي و ضرورة الاعتداد بما قرره و الالتزام به و إلا كان في غير ذلك مساس بالحجية.


(1) النظام التأديبي ليس مقصورا علي موظفي الدولة أو أعضاء الهيئات العامة فحسب، بل يمتد إلي أعوان تلك الهيئات، و أعضاء النقابات المهنية المختلفة، بل إلي بعض عمال الهيئات الخاصة التي تشرف عليها الدولة وغلي أشخاص غير موظفين كطلبة المدارس و الجامعات (د/ عادل يونس، الدعوى التأديبية وصلتها بالدعوى الجنائية، دراسة تحليلية مقارنة لطبيعة النظام التأديبي و علاقته بالنظام الجنائي، مجلة إدارة قضايا الحكومة، السنة الأولي، العدد الأول، 1965، ص 6).

(2) د/ محمود نجيب حسني، قوة الحكم الجنائي في إنهاء الدعوى الجنائية، دار النهضة العربية، 1977، ص 24.

نمط استشهاد جمعية علماء النفس الأمريكية (APA)

عبد المجيد عبد الحفيظ سليمان. 2020. حجية الحكم الجنائي الصادر بالبراءة أمام سلطات التأديب. مجلة كلية الحقوق-جامعة المنيا،مج. 3، ع. 1، ص ص. 65-123.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1336941

نمط استشهاد الجمعية الأمريكية للغات الحديثة (MLA)

عبد المجيد عبد الحفيظ سليمان. حجية الحكم الجنائي الصادر بالبراءة أمام سلطات التأديب. مجلة كلية الحقوق-جامعة المنيا مج. 3، ع. 1 (2020)، ص ص. 65-123.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1336941

نمط استشهاد الجمعية الطبية الأمريكية (AMA)

عبد المجيد عبد الحفيظ سليمان. حجية الحكم الجنائي الصادر بالبراءة أمام سلطات التأديب. مجلة كلية الحقوق-جامعة المنيا. 2020. مج. 3، ع. 1، ص ص. 65-123.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1336941

نوع البيانات

مقالات

لغة النص

العربية

الملاحظات

-

رقم السجل

BIM-1336941