تحليل الفجوة الغذائية من الحبوب في مصر

الملخص AR

أدت الزيادات الحادة في أسعار الغذاء التي حدثت في الأسواق المحلية و العالمية في السنوات الأخيرة إلى ارتفاع معدلات الجوع و سوء التغذية في العالم (Daviron، 2011)، حيث بلغ عدد الذين يعانون من نقص التغذية في العالم إلى حوالي 821 مليون نسمة في عام 2017 مقارنة بحوالي 804 مليون نسمة في عام 2016.

و ازداد الوضع سوءا في أمريكا الجنوبية و معظم المناطق في أفريقيا، حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من 181 مليون شخص في عام 2010 إلى حوالي 222 مليون شخص في عام 2016، أي بزيادة قدرها 22.6% (منظمة الفاو، 2018).

وتتوقع منظمة الفاو أنه بحلول عام 2050 سيصل عدد سكان العالم إلى9.1 مليار نسمة، أي أعلى مما هو عليه الآن بنسبة 34% ، و غالبا ما ستحدث هذه الزيادة السكانية في البلدان النامية.

كما يتوقع أن يتزايد معدل التحضر ليصبح حوالي 70% من سكان العالم من الحضر، و كذلك ستتضاعف مستويات الدخل كثيرا عما هي عليه الآن.

كذلك يتوقع في النصف الأول من هذا القرن زيادة الطلب العالمي على الغذاء و العلف و الألياف بنسبة 70% ، و من المحتمل أن يزيد استخدام المحاصيل في إنتاج الوقود الحيوي وغيره من الأغراض الصناعية.

ولتوفير الغذاء لهذا العدد الكبير من السكان الأكثر تحضرا و ثراء، قدرت الفاو أنه يجب زيادة إنتاج جميع المحاصيل (وخاصة محاصيل الوقود الحيوي) بنسبة 70% ، و زيادة الإنتاج السنوي من محاصيل الحبوب ليصل لحوالي 3 مليار طن مقارنة ب 2.1 مليار طن في الوقت الحالي، كما يجب زيادة الإنتاج السنوي من اللحوم بأكثر من 200 مليون طن ليصل إلى 470 مليون طن.

و بالتالي، فإن الطلب الجديد و التقليدي على المنتجات الزراعية سيشكل ضغوطا متزايدة على الموارد الزراعية المحدودة (منظمة الفاو، 2009)
وفي مصر، تشير التقديرات إلى ارتفاع نسب الفقر و انعدام الأمن الغذائي و سوء التغذية بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية.

حيث عانى ٩٬٨ مليون مصري أي حوالي ١٠٬١٪ من نقص الأمن الغذائي خلال الفترة ٢٠١٦- ٢٠١٨ مقارنة بحوالي ٩٬٤٪ خلال الفترة ٢٠١٤- ٢٠١٦.

كذلك ارتفعت نسبة الفقر من 27.8٪ عام ٢٠١٥ إلى حوالي 32.5% عام 2018، و استمر ريف صعيد مصر في تسجيل أعلى معدلات الفقر (الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الإحصاء، 2019).

هذا بالإضافة إلى أن أقل 10% دخلا من السكان ينفقون أكثر من 50% من إجمالي دخلهم الضئيل على الغذاء، و نتيجة لذلك ارتفعت معدلات سوء التغذية و خاصة بين الأطفال.

فطبقا لتقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة، بلغت نسبة التقزم لدى الأطفال دون الخامسة حوالي 20% في عام 2017 مقارنة بحوالي 21% في عام 2014، وذلك بسبب سوء التغذية نتيجة ارتفاع معدلات الفقر في الدخل و الاستهلاك الغذائي نتيجة ارتفاع الأسعار المحلية للغذاء بمعدلات أكبر من معدلات الزيادة في الدخل، و بالتالي اعتماد الأسر على الأغذية ذات المحتوى الغذائي المنخفض (منظمة الأمم المتحدة للطفولة و أحرون، 2018).

ونظرا للزيادة الكبيرة و المستمرة في أعداد السكان في مصر في السنوات الأخيرة، اتسعت الفجوة الغذائية من عام لآخر، و أصبحت مصر تستورد معظم السلع الغذائية خاصة الحبوب و السكر و المنتجات الحيوانية، مما تسبب في زيادة العبء على ميزان المدفوعات (ماضي، 2014; معهد التخطيط القومي، 2018).

و تعتبر مصر المستورد الأول للقمح على مستوى العالم بحجم استيراد وصل إلى أكثر من عشرة ملايين طن في عام 2016، الأمر الذي انعكس على نسبة الاكتفاء الذاتي من محصول القمح و التي بلغت حوالي ٤٧، ٧٪.

كما بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي من محصول الذرة الشامية حوالي 56.3٪ في عام 2016، حيث استوردت مصر ما يقارب 6 مليون طن في نفس العام.

أما بالنسبة لمحصول الأرز، فقد وصلت نسبة الاكتفاء الذاتي منه إلى ٩٩، ٧٪، في حين كانت مصر تحقق فائضا منه خلال السنوات السابقة.

كذلك فإن مصر تعاني في نقص شديد من الزيوت النباتية، و تعتمد على استيرادها بنسب كبيرة، حيث تصل نسبة الاكتفاء الذاتي منها نحو 32 ٪ (جرجس، 2009).