فلسفة الحروف لدى الفارابي

الملخص AR

عرف الفارابي في الأوساط العلمية بكونه فيلسوفا، ولم يتم تسليط الضوء عليه ـ بشكل واف على أنه لغوي بارع، له فلسفته و رؤيته الخاصة في نشأة اللغات و تطورها، وفي كيفية انتقال اللغة من مستوى التلفظ بالحروف أو الأصوات إلى المستوى البلاغي، ثم إلى المستوى المنطقي و الفلسفي.

نشأ الفارابي في القرن الرابع الهجري في عصر نضجت فيه اللغة العربية نضجا مكنها من الانتشار و السيطرة على ربوع المعمورة.

فلم يعد استخدام اللغة العربية مقصورا على التعبير عن الخيالات و العواطف و المشاعر و الاحتياجات ـ ـكما كان لدى عرب الجاهلية الذي كانوا يتبارون في التعبير عن أخيلتهم و ما يجيش في صدورهم بالأشعار و الخطب و الأمثال و الحكم، بل صارت اللغة و عاء لكل العلوم، فتنوعت اتجاهات ألفاظها، وصار أهل كل صناعة ينهلون منها ما يعبر عن صناعتهم و يخصصها، فاستوعبت اللغة العربية كل الصناعات العلمية و اللغوية، و ما ضاقت عن وصف كل ما يستجد في حياة الناس، فأسعفت أصحاب العلوم في التعبير عن أفكارهم و مخترعاتهم، فظهرت لغة النحاة، ولغة الفقهاء، ولغة المحدثين، ولغة المتكلمين، ولغة الفلاسفة و المناطقة، ولغة أهل الفن و الجمال و الموسيقى، ولغة الشعر و الأدب، ولغة التجارة وعيرها من الصناعات.