محاولات للتخفيف من نطاق البطلان : في ضوء الغرضين النفعي و المعنوي للإجراء الجنائي

المؤلف

سالم، رحاب عمر محمد

المصدر

مجلة القانون و الاقتصاد

العدد

المجلد 2021، العدد 94 (31 يوليو/تموز 2021)، ص ص. 11-80، 70ص.

الناشر

جامعة القاهرة كلية الحقوق

تاريخ النشر

2021-07-31

دولة النشر

مصر

عدد الصفحات

70

التخصصات الرئيسية

القانون

الموضوعات

الملخص AR

تعريف بموضوع البحث: القاعدة الأساسية في الإجراءات الجنائية، أنها لا تهدف أو تتجه إلى محاولة إلصاق التهمة بالمتهم، و تقرير عقابه، و إنما تهدف - أيضا - إلى حماية حقوق الأفراد وحرياتهم من أن تمس، و كفالة أكبر قدر من حقوق الدفاع، بحيث لا يكون هنالك مجال للزج ببريء في أتون الاتهام، وأن يكون للمتهم الوسائل الكافية، لدحض التهم الموجهة إليه.

فالإجراء الجنائي يحمل بين طياته هدفين؛ و يتمثل الهدف الأول في حماية المصلحة العامة، و كفالة أكبر فاعلية للإجراء الجنائي في مواجهة الخارجين على نصوص قانون العقوبات، و المهددين - بالتالي - للقيم الأساسية التي ينهض عليها بنيان المجتمع.

أما الهدف الثاني - و هو ما يعد في الحقيقة مصلحة عامة أيضا - يتمثل في ضمان حماية فاعلة لحقوق الأفراد من أن يمس بها، عند اتخاذ الإجراء الجنائي.

و هو ما يمكن ترجمته بالقول، بأن الإجراء الجنائي، يحمل غرضا نفعيا، و هو كفالة فاعلية جهود الدولة في مواجهة الجريمة، و غرضا معنويا، و هو حماية حقوق الأفراد و حرياتهم، حتى في الحالات التي يوجه إليهم فيها الاتهام، احتراما لقاعدة الأصل في الإنسان البراءة، التي تظل مصاحبة للشخص إلى أن يصدر حكم بات في الدعوى الجنائية([1]).

و الارتباط وثيق بين هذين الهدفين أو المحورين؛ فالحقيقة، أن كلا منهما يعد مفترضا للآخر؛ إذ لا محل للحديث عن الحقوق و الحريات بصفة عامة، دون ضمان العيش في سكينة وأمن و أمان، و هو ما يكفله المحور النفعي، و لا محل للحديث عن هذه السكينة، و هذا الأمن و الأمان، إذا كان هناك انتهاك للحقوق و الحريات، أو إذا انتفي المحور المعنوي للإجراء الجنائي.

و لعل الضمانات الخاصة التي قررها المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية، لتفتيش غير المتهم أو تفتيش منزل غير منزله، و مراقبة المراسلات و الاتصالات السلكية و اللاسلكية، على سبيل المثال، تنطلق من هذا الارتباط أو هذه الموازنة([2]).

و الحكم على قانون الإجراءات الجنائية لدولة ما، إنما يكون من خلال احترامه لهذا التوازن بين المحورين السابقين، عن طريق الموازنة و كفالة التناغم بينهما.

و غني عن البيان، أنه من أهم الوسائل التي تكفل هذا التوازن، إنما تتمثل في تطبيق جزاء إجرائي، و هو البطلان، على كل حالة، لا يتم فيها احترام القاعدة الإجرائية، التي قررها المشرع.

فالقاضي الذي لا يملك الوسائل التي عن طريقها يستبعد أعمال الاستدلال أو التحقيق الباطلة، يشجع رجال الشرطة على انتهاك هذه القواعد، و يحول دون الحديث عن محاكمة عادلة و منصفة([3]).

بل إنه لا يمكن إجبار الأفراد العاديين على احترام القانون، إذا سمح لرجال الشرطة، بالحرية الكاملة في جمع المعلومات، سواء بطريقة مشروعة أو غير مشروعة، أو سمح باتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي، دون احترام الضوابط التي نص عليها المشرع الإجرائي، لتحقيق التوازن المشار إليه؛ فعدم وجود مثل هذا الجزاء، يقود من الناحية العملية إلى تقويض النظام الإجرائي، و إضعاف قيمة قانون الإجراءات الجنائية.

و لكن إذا كان جزاء البطلان لازما لمنع الجور على الحقوق و الحريات الفردية، فإن هذا لا يجوز أن يكون على حساب المحور الآخر، و هو ضمان فاعلية الإجراء الجنائي في مكافحة الجريمة، خاصة في العصر الحالي، الذي بدأت تأخذ فيه أبعادا جديدة من حيث الكم و الكيف.

مع الوضع في الاعتبار، أن هناك بعض الأصوات التي تتفاوت في قوتها بين التلميح و التصريح، بأن هناك فقدانا لفاعلية الإجراءات الجنائية، بسبب سياسة الضمانات الإجرائية المبالغ فيها([4]).

و من ناحية أخرى، "أن هناك اتهاما بالمساس بحقوق الدفاع، في كل محاولة لتحرير الدعوى الجنائية من بعض قوالبها الشكلية، التي اصطلح منذ زمن طويل على اعتبارها ضمانا للعدالة الجنائية، على الرغم من فرق اللحظة و الظرف"([5]).

و من هنا، كان من اللازم، أن يتم تبني نظام للبطلان، على نحو يكفل تحقيق هذين المحورين السابقين، و يحقق التوازن بينهما؛ فهل يؤخذ بنظام البطلان الشكلي؛ الذي يستوجب إقرار البطلان على كل حالة تتم فيها مخالفة ما استلزمه المشرع، أم يؤخذ بنظام البطلان النصي أو القاعدي؛ الذي يوجب البطلان عندما يقرر المشرع ذلك، أم يتم التفرقة تبعا لأهمية الإجراء الذي تمت مخالفته، بحيث يتم تقرير البطلان في حالة مخالفة إجراء جوهري فقط، أم يؤخذ بنظام مختلط.

وفي كل الأحوال، هل يجب التلطيف و التخفيف دوما من حالات البطلان؟ أم تطبق القواعد التي قررها المشرع بطريقة جامدة؟ لذلك وجب معرفة نظم البطلان المختلفة، و بيان دورها في تحقيق التوازن السابق الإشارة إليه، و بيان الحالات التشريعية و القضائية، التي من خلالها يتم التلطيف من حالات البطلان و آثاره.


([1]) تنص المادة 96 من الدستور المصري لعام 2014 على أن "المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه.

و ينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وتوفر الدولة الحماية للمجني عليهم و الشهود و المتهمين و المبلغين عند الاقتضاء، وفقا للقانون".

([2]) انظر المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المصري.

([3]) د.

عبد الفتاح الصيفي، النظرية العامة للقاعدة الإجرائية الجنائية، بيروت، دار البحيري إخوان للطباعة و النشر، 1994، ص97؛VAN DER MERW (S.

E.

): Unconstitutionally Obtained evidence: Towards a Compromise between the Common Law and the Exclusionary Rule، Stell.

I.

Rev.1992، 192.

([4]) JUNG (H.

): Vers un Nouveau Model du Procés Pénal? ، Refléxions sur les Rapports، "la Mise en Etat des Affaires Pénales"، R.

S.

C.

، 1991، p.531.

([5]) د.

عبد التواب معوض الشوربجي، التجنيح القضائي في ضوء مشروع وزارة العدل لسنة 1993، القاهرة 1995، ص3.

نمط استشهاد جمعية علماء النفس الأمريكية (APA)

سالم، رحاب عمر محمد. 2021. محاولات للتخفيف من نطاق البطلان : في ضوء الغرضين النفعي و المعنوي للإجراء الجنائي. مجلة القانون و الاقتصاد،مج. 2021، ع. 94، ص ص. 11-80.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1354058

نمط استشهاد الجمعية الأمريكية للغات الحديثة (MLA)

سالم، رحاب عمر محمد. محاولات للتخفيف من نطاق البطلان : في ضوء الغرضين النفعي و المعنوي للإجراء الجنائي. مجلة القانون و الاقتصاد ع. 94 (تموز 2021)، ص ص. 11-80.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1354058

نمط استشهاد الجمعية الطبية الأمريكية (AMA)

سالم، رحاب عمر محمد. محاولات للتخفيف من نطاق البطلان : في ضوء الغرضين النفعي و المعنوي للإجراء الجنائي. مجلة القانون و الاقتصاد. 2021. مج. 2021، ع. 94، ص ص. 11-80.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1354058

نوع البيانات

مقالات

لغة النص

العربية

الملاحظات

-

رقم السجل

BIM-1354058