دور القوى الكبرى في توظيف مفاهيم حقوق الإنسان و منظمات المجتمع المدني في تهديد أمن و سيادة الدول العربية

الملخص AR

شهدت شعوب العالم الثالث (و التي أطلق عليها فيما بعد دول عالم الجنوب) بصورة عامة، و منطقتنا العربية و الاسلامية بصورة خاصة تحولات اجتماعية و ثقافية و سياسية كبيرة في تاريخها المعاصر، و كان لبعض تلك التحولات أو التغييرات اسبابا ذاتية نتيجة التطورات و التحولات التي شهدها المجتمع الدولي في المجالات العلمية و الانسانية و غيرها، في حين كانت هناك اسبابا ودوافعا سياسية خارجية وراء أنواع أخرى من التحولات و لا سيما في المجالات السياسية و الثقافية، و قد تعرضت تلك المنطقة لتدخلات خطيرة في المجالات السياسية سواء بصورة مباشرة كما حدث في حقبة الاستعمار الغربي المباشر، أو بصورة غير مباشرة في حقبة ما بعد التحرر من الاستعمار، و قد حاولت القوى الكبرى الهيمنة على مقدرات الشعوب في تلك المنطقة في المجالات الثقافية و الاقتصادية و السياسية و غيرها.

لقد تعددت اشكال التدخل و الهيمنة في تلك الدول بحسب الظروف و المتغيرات الدولية، و بحسب ما تمليه مصالح القوى الكبرى، و قد كانت من بين أهم و أخطر وسائل التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية و الاسلامية هي الشعارات التي رفعتها قوى الهيمنة و من أهمها الولايات المتحدة الأمريكية و لا سيما في العقد الأول و الثاني من الألفية الثالثة و التي تمثلت بنشر قيم الديمقراطية و مفاهيم حقوق الإنسان، و عبر وسائل و أدوات متعددة كان من بينها توظيف وسائل الاعلام كقوة افتراضية للتأثير في توجيه الرأي العام لتلك الشعوب، و كذلك تقديم الدعم لمنظمات المجتمع المدني بذريعة حفظ تلك الحقوق و الحد من سيطرة أو انتهاكات الأنظمة الشمولية القائمة في تلك الدول، و قد تسببت تلك التدخلات بتهديدات خطيرة للأمن القومي لتلك الدول، فضلا عن التهديدات التي طالت القيم الثقافية و الحضارية لتلك الشعوب و تسببت بحالة من عدم الأمن و الاستقرار في تلك المناطق المهمة و الاستراتيجية.