وسائل و أساليب القتال في إطار القانون الدولي الإنساني

الملخص AR

يذخر تاريخ الحروب بالمآسى و الآلام التي عانت و لازالت تعانى منها البشرية مما كان له أبلغ الأثر في الضمير الإنساني مما دفع الكثيرين إلى بذل الجهد نحو محاولات جادة لنزع السلاح و أخرى لحظر أنواع معينة من الأسلحة أو تقييد استخدامها بالنظر إلى كونها تتسم بالوحشية أو اللاإنسانية أو عشوائية أو لا محدودة الضرر.

في البداية يجب الإشارة إلى أن لفظ الحظر يعنى المنع أو التحريم.

و من ثم، فإن ذلك اللفظ ينصرف إلى عدم جواز استخدام السلاح المحظور في جميع الحالات و الظروف، أما تقييد الاستخدام يعنى أن استخدام السلاح و إن كان مباح في الأصل، إلا أنه يرد على استخدامه اشتراطات خاصة^([1]) أو أنه من الجائز استخدامه في الأعمال العسكرية ضد الأهداف العسكرية دون غيرها من الأهداف المدنية أو المدنيين الذين لا ينطبق عليهم وصف المحاربين^([2]).

و سنتناول فيما يلي بيان للأسلحة الخاضعة للحظر أو التقييد مع إيضاح التأصيل القانوني لها، وذلك من خلال النقاط الآتية: أولا: إعلان سان بيتر سبرج: صدر هذا الإعلان بشأن حظر استعمال بعض أنواع القذائف في وقت الحرب في الحادى عشر من ديسمبر عام 1868 انطلاقا من منظور التخفيف من نكبات الحرب و تأسيسا على أن الهدف الوحيد المشروع الذى يجب أن تسعى إليه الدول أثناء الحرب هو إضعاف القوة العسكرية للعدو.

و من ثم فلا يجب تجاوز هذا الهدف باستخدام أسلحة تزيد بلا مبرر من آلام المصابين أو تجعل موتهم محتوما^([3]).

لذا، تضمن هذا الإعلان التزام على الدول بالامتناع المتبادل عن السماح لقواتها البرية أو البحرية – في حالة الحرب – استعمال أى قذيفة يقل وزنها عن 400 جرام و تكون متفجرة أو مشحونة بمواد قابلة للانفجار أو الاستعمال.

ثانيا: اتفاقية لاهاي 1899: صدرت تلك الاتفاقية في التاسع و العشرين من يوليو سنة 1899 بشأن استعمال الرصاص القابل للانتشار أو التمدد في الجسم بسهولة (مثل الرصاص المعروف باسم "دم – دم – Dum- dum"^([4]).

فبعد أن أشارت هذه الاتفاقية للمبادىء التي تضمنها الإعلان السابق (سان بيتر سبرج) قررت امتناع الدول عن استخدام الرصاص الذى ينتشر أو يتمدد بسهولة في جسم الإنسان و منه الرصاص ذو الغشاء الصلب الخفيف أو القاطع^([5]).

و يلاحظ على هذه الاتفاقية أنها قد أوردت على سبيل المثال لا الحصر الرصاص ذو الغشاء الصلب الخفيف أو القاطع مما يعنى امتداد نطاق الحظر إلى أى نوع من الذخائر التي قد تنتج في المستقبل ولها خاصية الانتشار أو التمدد في الجسم أيا كان شكلها أو المادة المكونة لها.

و يرى الباحث أن إيراد الاتفاقية الرصاص على سبيل المثال و ليس الحصر يعنى أن صياغتها على هذا النحو يستوعب ما قد يستجد على عنصر الرصاص متى كان له طبيعة في إحداث أضرار مماثلة، مما يحقق لتلك الصياغة الاستقرار على المستوى الدولى، و تكون – بالتالي – بمنأى عن أى تعديل أو تغيير.

ثالثا: لائحة قوانين الحرب البرية 1907: تلك اللائحة المعروفة باسم اتفاقية لاهاي الصادرة في الثامن عشر من أكتوبر لعام 1907.

أ – الحظر: ورد بالفصل الأول من القسم الثاني من هذه الاتفاقية المعنون ب: " الوسائل المستعملة في إلحاق الضرر بالعدو و الحصار و القصف" النص بداية على مبدأ قانوني عام من مبادئ القتال الأساسية، ألا و هو أن حق المتحاربين في اختيار وسائل إلحاق الضرر بالعدو ليس حقا مطلقا^([6])، ثم قررت حظر استخدام السم أو الأسلحة السامة^([7])، و كذا حظر استخدام الأسلحة و القذائف و المواد التي من شأنها إحداث إصابات و آلام لا مبرر لها^([8]).

ب – التقييد: ورد بذات الفصل المذكور سلفا قواعد تتعلق بتقييد أعمال القتال على النحو التالي: 1 – عدم جواز اللجوء للغدر^([9]): إذا كانت خدع الحرب مباحة (كاستخدام أساليب التمويه أو التضليل أو الإيهام أو ترويج المعلومات الخاطئة، أو الكمائن، أو إصدار إشارات غير صحيحة للطائرات المعادية لتهبط في إقليم العدو.

.

.

الخ)، فإن الغدر ممقوت طبقا للاتفاقية^([10]).