فرقة فرسان التركبولي الصليبية و دورها العسكري في العمليات ضد المسلمين في الشام

الملخص AR

انتجت مدرسة العصور الوسطى بعض الدراسات التي تناولت فرق الجيوش الإسلامية و الصليبية، نجد منها على سبيل المثال دراسة حسن عبدالوهاب سليم بعنوان: "تاريخ الفرسان التيتون في الأراضي المقدسة"، و دراسة إبراهيم خميس سلامة بعنوان: "جماعة الفرسان الداوية"، و دراسة فؤاد دويكات عن "فرسان القديس العازر"، و دراسة أديسون Addison عن فرسان المعبدThe History of the Knights Templars^([4])، بالإضافة إلى أن الباحثة قد عالجت في بحث سابق لها الدور العسكري لعرب المشرق ضد الصليبيين في بلاد الشام خلال عهد الدولتين الزنكية و الأيوبية.

يكشف هذا البحث الستار عن إحدى الفرق المهمة في الجيش الفرنجي أثناء الصراع الإسلامي الصليبي في الشرق الإسلامي، وهي فرقة فرسان التركبوليTurcopoles التيلم تحظ باهتمام كبير في مكتبة العصور الوسطى العربية، رغم دورها المؤثر و الفعال في أغلب المناسبات العسكرية بين الطرفين.

ولم تجد الباحثة دراسة عن هذه الفرقة سوى بحث منشور في مجلة Mediterranean Historical Review للباحثYuval Harari بعنوان:
The Military Role of the Frankish Turcopoles: A Reassessment
انطلق فيه الباحث من فرضية أن جوهر الجيش الصليبي في الشرق الإسلامي لم يقم فقط على فئة الفرسان ثقيلي التسليح، بل أيضا على فئة الفرسان الخفيفة التسليح، و التي شكلت فرقة التركبولي أغلبها إن لم تكن جميعها.

و ناقش فرضيات أخرى لا تقل فائدة عن فرضية الدور المحوري الذي قام به فرسان التسليح الخفيف في الجيش الصليبي في الشرق، و التي دارت حول ماهية فرقة التركبولي، و تكوينها العرقي، ودورها العسكري في ميدان المعركة، بالإضافة إلى دورها في الاستطلاع و المراسلات وغيرها من المهام.

كما تحدث عن نوعية الخيول و الأسلحة التي تستخدمها عناصر هذه الفرقة، وأن مسمى التركبولي أصبح مصطلحا عاما أطلق على الفرق العسكرية المشابهة لهذه الفرقة في البناء و التكوين و المهام رغم اختلاف الأصل العرقي الذي أكسبهذه الفرقة مسماها.

و تتناول هذه الدراسة بالبحث هذه الفرقة من حيث التعريف بها، والوقوف على أبرز أدوارها العسكرية ضد المسلمين، ثم محاولة التعرف على الإجراءات والوسائل التي اتخذتهاالعسكرية الإسلامية للتصدي لها، لا سيما أنها كانت تحاكي فرق الفرسان في الجيوش العربية من حيث الأسلوب و المهام النوعية التي كانت تكلف بها، و ينطلق البحث من افتراض أن الدور المؤثر الذي قامت به هذه الفرقة ضد الجيوش العربية في الشرق انعكس على تصرف هذه الأخيرة معها، سواء في ميادين القتال أو بعد الأسر، إذ اتخذ هذا التصرف صورة الانتقام الشديد.

تفرض فكرة البحث تقسيمه إلى محاور، أولها الحديث باختصار عن هذه الفرقة من حيث تسميتها و نشأتها ودورها في الجيش الفرنجي بالشرق، ثم الحديث عن الومضات القليلة التي تحدثت فيها المصادر العربية عن هذه الفرقة، و دلالات هذه الومضات و تحليلها لقياس فرضية البحث.