الإثنوغرافيا و تجليات الأنساق الثقافية المضمرة في رواية (ليل البلاد)‎ للروائي العراقي جنان جاسم حلاوي

الملخص AR

تمثل الرواية سجلا للمجتمع البشري و استحضارا لتفاصيله الحياتية الدقيقة، و هذا ما جعلها حقلا معرفيا لدراسة الإثنوغرافيا بكونها "الدراسة الوصفية لأسلوب الحياة و مجموعة التقاليد، و العادات و القيم، و الأدوات و الفنون، و المأثورات الشعبية لدى جماعة معينة، أو مجتمع معين، خلال فترة زمنية محددة"( ) لذا فمن خلال ذلك يمكن أن ندرس عينة اجتماعية في زمان و مكان معينين يتمثل بالحرب العراقية الإيرانية و تفاصيلها الدقيقة من خلال احدى روايات الحروب وهي رواية (ليل البلاد) لجنان جاسم حلاوي؛ لكونها تمثل رصدا ميدانيا لتلك الأحداث بتفاصيلها الدقيقة، اذ كانت لتلك الحرب صورتان: صورة رسمية تمثلها أعلام النظام السابق، وصورة مغيبة لا يسمح بالحديث عن تفاصيلها المؤلمة و المرعبة، و من خلال ذلك الرصد الميداني تتجلى الأنساق الثقافية المغيبة و التي قام الكاتب بالكشف عنها؛ لأنه عاش في المنافي بعيدا عن بطش السلطة القمعية و رقابتها ليوثق بذلك الحقائق التي عاشها ميدانيا.

و من خلال الوصف الذي جاء في الرواية يمكننا أن نسلط الضوء على الأنساق الثقافية و رصد تلك الظواهر إثنوغرافيا و تحليلها وفق تلك الأنساق الثقافية الظاهرة و المضمرة، و هذا يمثل أحد أهداف الدراسة الإثنوغرافية في ربط ما هو نظري بما هو تطبيقي من خلال ربط النظريات الإثنولوجية بالتطبيقات العملية التي تقوم بها الإثنوغرافيا؛ لأن الرواية تنقل تلك التفاصيل بكل ظواهرها الثقافية و تقوم بالكشف عن تفاصيل جديدة كانت مغيبة عن الوعي و الثقافة الجماهيرية بشكل قسري.

و من خلال دراسة الرواية من الوجهة الإثنوغرافية و بمنهج وصفي تحليلي، يمكن رصد جانبين مهمين يكونان محلا للدراسة، الأول: وصف تفاصيل المظاهر الخارجية للحياة التي عاشها الجندي العراقي في تلك الحرب و معسكراتها و سجونها، و الثاني وصف مظاهر المدن و الحياة الاجتماعية خلال تلك الحرب و انعكاساتها الاجتماعية.

فهي وصف و رصد للحياة و مظاهرها في زمن تلك الحرب، و من خلال هذا الوصف الدقيق تتجلى الأنساق الثقافية السائدة و المصير المجهول و ضياع الهوية.