المواجهة الجنائية لجرائم الإرهاب البيئي: دراسة مقارنة

الملخص AR

جريمة الإرهاب البيئي من أشد الجرائم ضراوة و رعبا على الاطلاق، فهي الموت الذي يحيط بالإنسان و جميع الكائنات الحية، فالموت يأتي للإنسان من الهواء الذي يتنفسه أو الماء الذي يشربه أو الغذاء الذي يتناوله أو الأرض التي يعيش عليها، وفي ذات الوقت لا يستطيع الدفاع عن نفسه أو الهرب إلى مكان يعصمه من هذا الخطر الداهم، و لا يستطيع أن يستغني عنه لبضع دقائق ليلا أو نهارا، و الأرض التي يتحرك عليها كل ذلك يصبح مصدر للهلاك و الموت، فلا يستطيع أن يعيش فيه الإنسان آمنا إذا تخلله ضرر متمثلا في تلوث الماء أو الهواء أو التربة و هو ما يطلق عليه الإرهاب البيئي الذي يتخذ من البيئة هدفا، ووسيلة لارتكاب هذه الجريمة، و يعتبر الإرهاب البيئي جريمة مستحدثة في قانون العقوبات الفرنسي الجديد حيث شهدت السنوات الأخيرة اهتمام دول العالم بالأفعال التي تشكل جرائم ضد البيئة؛ فسنت التشريعات المختلفة التي تكفل حمايتها؛ لأن سلامة البيئة تعني الحياة الآمنة للإنسان، و لذلك يمكن القول بأن الإرهاب البيئي، مثل الحرب البيئية، ينطوي على استخدام قوى الطبيعة لأغراض عدائية و مدمرة، فهو ينصب على استهداف البيئة نفسها، مثل التلوث المميت المتعمد للمياه و الهواء أو و التربة والموارد الزراعية، و استخدام البيئة كقناة للتدمير، مثل إطلاق أسلحة بيولوجية في الغلاف الجوي، فالتدمير البيئي الذي يمكن اعتباره من الناحية القانونية "إرهابا" هو الذي يجمع بين العنصرين الآتيين: الأول: أن ينتهك القوانين الوطنية أو الدولية التي تنظم عمل البيئة وقت السلم أو وقت الحرب، الثاني: أن يتضمن الفعل الخصائص الأساسية للإرهاب، وهي أي فعل أو تهديد بالعنف له أهداف محددة، فلا يمكن اعتبار فعل التدمير البيئي "إرهابا بيئيا" إلا عندما يتم استيفاء هذين المعيارين، و عندها يتم استخدام البيئة من قبل الجاني كرمز حقيقي؛ يغرس من خلاله الرعب و الترويع و الخوف في نفوس أكبر عدد من السكان