سيميائية الحواس في شعر عبد الله البردوني: ديوان (من أرض بلقيس)‎ أنموذجا

الملخص AR

يهدف الباحث من خلال هذه المحاولة دراسة سيميائية الحواس في شعر (البردوني) و خص ديوان (من أرض بلقيس) بالدراسة و التحليل؛ لظهور الصورة الحسية فيه بصورة واضحة المعالم و مكثفة الدلالة، و كذا العمل على إبراز جمالية توظيف هذا المصطلح، الذي شاع توظيفه بمعنى السمة أو العلامة، فقد استطاع هذا الشاعر الضرير توظيف الحواس الخمس في شعره توظيفا ينم عن عقلية و اعية، وموهبة فذة استطاع من خلالها التعبير عن مضامينه و رؤاه الفكرية، و إبراز المعاني الوظيفية التي جاءت صوره الحسية للتعبير عنها و ما ينسجم مع رؤيته و تجربته الشعرية، فاعتمد على الحواس و جعلها وسيلة للصورة الشعرية عنده، كثف من خلالها الدلالات؛ ليعبر عن مخزونه العاطفي، و يعلن قدرته على مجاراة المبصرين، حتى يقدم للقارئ صوره الحسية بتشكيلات إبداعية رائعة، و مما يعكس أهمية الصورة الحسية في شعره: عدم خلو قصائده من ذكر مشاهد حسية تتجسد بإحدى الحواس التي يعمد إلى توظيفها توظيفا دقيقا في جل أغراضه، مستخدما الحاسة المناسبة لكل غرض، ففقدان البصر عنده و هو في سن مبكرة لا يمثل أية إعاقة في تشكيل صوره الشعرية، بل كان له الأثر الأكبر في تكوينه الفكري و الثقافي و السلوكي و الاجتماعي.

وفي النهاية يتبين أن الشاعر وظف صوره الحسية في الأغراض المختلفة؛ ليعكس لنا تجربته الشعرية و ما يجول في خاطره و مشاعره، ففي غرض الغزل وظف الصورة البصرية للتعبير عن حنينه الدائم إلى محبوبته و الشكوى من فراقها، كما وظف الألوان التي تتناسب مع هذا الغرض بدلالاتها و مدلولاتها، ووظف الصورة الحسية السمعية للتعبير عن فخره بقصائده ووقعها على الأسماع و ما تحدثه من نغم و شجن، و للتعبير عن صوت محبوبته العذب المحبب لديه، إضافة إلى استحضار الأصوات المحيطة بالإنسان من طبيعة و إنسان و حيوان و حروب، كما وظف الصورة الشمية ليعبر من خلالها عن الرائحة العطرة التي تفوح من محبوبته، وتغنيه بها، كما وصف جمال الطبيعة في بلده اليمن و رائحة حدائقها و جوها العذب.