الفكر المقاصدي في اعتبار العرف وإدراك الواقع عند الحنفية: دية القتل الخطأ أو شبه العمد نموذجا

الملخص AR

من أظهر خصائص الشريعة الإسلامية شمولها و مناسبتها لجميع أحوال الإنسان و الزمان و المكان؛ و لأجل ذلك راعت العرف لما يلبي من حاجة الناس، حيث شملت الأمة و البلاد باختلاف طباعها و تنوع بيئاتها، و ما يوفر لهم من الاستقرار و الانسجام بسبب ما يجدون فيه من الألفة و الاعتياد، و ضبطت تلك المراعاة بضوابط تحفظ لها البعد عن الزيغ و تخبط الأهواء، و تميز حدود ذلك الاعتبار و مجالاته.

لذلك رأى السادة الحنفية: أن نزع الناس عما تعاملوا به نوع حرج^([1])، ولما كانت الشريعة داعية إلى رفع الحرج و المشقة عن الناس في العديد من النصوص القطعية، و منها قوله تعالى: ﴿وما جعل عليكم في الدين من حرج﴾^([2])؛ دل ذلك على حجية العرف، و جعلت الأحكام التابعة للأعراف تتغير بتغيرها.

و على الفقهاء أن يقصدوا إلى ما قصدت إليه الشريعة، بحيث تصب أحكامها في مقاصدها، فالمقاصدي يستلهم الأحكام من مجموع الأدلة و ما تنهض إليه من مصالح؛ فإن أفضل العلم ما وافق مراد الله تعالى.