مناهج النقد في التدوين الأصولي عند المتقدمين و المعاصرين

الملخص AR

إن علم أصول الفقه قد شكل طودا راسخا في البناء المعرفي في منظومة علوم الإسلام، و مرتكزا قويما و أصلا مكينا يهرع إليه كل مجتهد لاقتناص الأحكام لما استجد من القضايا و النوازل على الأنام، و قد عرف هذا العلم تطورا تصاعديا أكسبه قوة، ظل بموجبها صامدا رغم الصدمات التي تعرض لها، و تبرز تجليات قوة هذا العلم في تعدد مدارسه، و تنوع مناهجه، و عمق آلياته، و تمددها، كما يتجلى صموده في توارد الخواطر و النقود التي توجهت للكشف عن مواطن الخلل أو الضعف من أجل تلافتها ليزداد بذلك قوة إلى قوته و صلابة إلى صلابته حتى صار قائدا للعلوم الإسلامية و موجها للتفكير الإسلامي، و مصححا للمسار الاجتهادي، و مؤسسا للممارسات التشريعية، و ما كان لهذا العلم أن يحظى بهذه المزية و يتبوأ هذه المنزلة بين العلوم لولا ما اتصل به من صور النقد التي تجلت في أشكال متنوعة : استدراكا، و تكميلا، تنقيحا و تذييلا، تأصيلا و تفصيلا.

إن النقد كان و مازال له الأثر البارز في تقويم العلوم و المعارف و تطويرها في مواكبة التطور الحضاري في حركته الدؤوبة، إن المتتبع لأعمال مفكري الإسلام و علمائه قديما و حديثا يجد ممارسة عملية لهذا الإجراء، لقد عرف عبر تاريخ العلوم جملة من النقود التي تسلطت على فنون مختلفة، و لم يكن علم الأصول بمنأى عن هذه الممارسة بمختلف و تمظهراتها إن تشكل المادة الأصولية منذ النشأة الأولى وصولا إلى المدونة الأصولية المعاصرة قد صاحبتها العملية النقدية في صور شتى حيث لم تكن بمعزل عنها، بل قد ضربت فيه هي الأخرى بحظ وافر و سجلت حضورا لافتا، من خلال تجليات شتى، لذلك حاولت في هذا المقال الإجابة عن إشكالية : ما هي جوانب النقد المختلفة التي توجهت إلى الدرس الأصولي تحديدا ؛ و ذلك في مدوناته القديمة و المعاصرة ؟، و ذلك بتتبع صور النقد المختلفة و رصدها و استخراجها، مع ضرب الأمثلة و استكناه المناهج، مستعينا بالمنهج الوصفي و المنهج التحليلي، و قد وسمت هذا المقال بـ مناهج النقد في التدوين الأصولي عند المتقدمين و المعاصرين.