حديث الخلق و التقدير : رواية و دراية

الملخص AR

تتمثل إشكالية هذه الدراسة في حديث رواه الأئمة عن الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو الصادق المصدوق، قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا.

.

.

"
فهذه الجمل يفهم منها أن أطوار تخلق الجنين من النطفة إلى العلقة إلى المضغة تكون في مائة و عشرين يوما؛ و هو ما يتعارض مع معطيات العلم الحديث.

فرأى بعض الباحثين أن هذا التعارض يمكن دفعه بما جاء في إحدى روايات هذا الحديث؛ وهي رواية الإمام مسلم في صحيحه؛ و لفظها: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك".

و بناء عليه فإن رواية مسلم تفيد أن الأطوار الثلاثة تحدث كلها خلال أربعين يوما؛ و لذلك يجب تقديمها على رواية البخاري و غيره.

ولا شك أن الترجيح بين الرويات له قواعده عند المحدثين، و أهمهما جمع طرق الحديث و النظر في أسانيده و متونه، فهذا الذي ينبغي أن يبدأ به قبل ترجيح رواية على أخرى، و من هذا المنطلق رأيت أن أتناول هذا الحديث رواية ودراية وفقا لقواعد علم الحديث للتوصل إلى نتيجة صحيحة.

واتبعت المنهج الاستقرائي في جمع الروايات، ثم تحليل روايات هذا الحديث و الجمع أو الترجيح بينها و بين حديث أبي سريحة حذيفة بن أسيد رضي الله عنه.

ورأيت إتماما للفائدة أن أعرج على كيفية تعامل الفقهاء من الناحية التطبيقية؛ خاصة مع الوقائع التي لا توافق المفهوم الشائع لديهم بأن طور المضغة الذي يسبق تخلق الجنين و نفخ الروح يكون في الأربعين الثالثة.