ضوابط اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالتفسير : دراسة فقهية في ضوء أحدث أحكام و قرارات الدستورية العليا

الملخص AR

إن التطبيق السليم للقاعدة القانونية يستلزم حتما تفسير النص الذي سيجري تطبيقه على الواقعة المطروحة أمام القضاء، و بمعنى آخر فإن القاضي لن يتمكن من إيقاع صحيح القانون على المنازعة إلا بعد قيامه بعملية تفسير النص القانوني واجب التطبيق.

ومؤدى مبدأ الفصل بين السلطات أن يختص مجلس النواب بسن القوانين في الدولة في شكل قواعد لها صفتي العمومية و التجريد، و يقع على القاضي مهمة تطبيق هذه القواعد، و الأصل أن يكون النص الذي يطبقه القاضي واضحا في الدلالة على المعنى و الفكرة التي قصدها المشرع، إلا أن الاستثناء قد يرد في الواقع العملي متمثلا في أن يكون النص – محل التطبيق- غامضا أو يحتمل أكثر من معنى، وهنا يأتي دور القاضي كي يجتهد لإزالة الغموض و اللبس
كما أن التفسير له بالغ الأثر في الواقع العملي، و مرد ذلك أن النصوص التشريعية تكون محدودة و متناهية و لا تعالج كافة المسائل التي تبرزها كافة الظروف الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية، وهنا يأتي دور التفسير ليجعل النص القانوني ديناميكيا مواكبا للتطورات التي تلاحق كافة مناحي الحياة واضعا الحلول لتلك المشكلات الطارئة التي لم يتنبه لها المشرع وقت وضعه التشريع ولم يكن بمكنته توقعها.

كما أن القاضي الدستوري يقع على عاتقه الالتزام بالعديد من الضوابط التي حددها له المشرع بمناسبة ممارسة اختصاصه التفسيري، و هذه الضوابط منها ما هو موضوعي يتعلق بالنص محل التفسير و البعض الآخر منها شكلي يتعلق بالمسائل الشكلية و الإجرائية لطلب التفسير المقدم إلى المحكمة الدستورية العليا.

وفضلا عن الضوابط الموضوعية و الشكلة للتفسير، نجد المحكمة الدستورية العليا قد حددت في أحكامها العديد من الأطر و المضامين للنصوص الدستورية و القانونية؛ إذ إنها أكدت و رسخت الكثير من القيم و المبادئ الدستورية الناصعة على جبينها.