مفهوم العرف و سلطته : دراسة أصولية نقدية في ضوء العمراني البشري

الملخص AR

من السنن الإلهية أن تصريف طاقة الانسان الذهنية و السلوكية تعتمد كثيرا على إعادة استخدام أنماط التفكير و الأفعال و نماذجها لتذليل الصعبات و اختصار الجهد و الوقت.

و إن كانت هذه الظاهرة الإنسانية تدخل في باب التعليم و تدبير شؤون الحياة بأكثر فعالية، لكن في كثير من الظروف تتحول هذه النماذج الفكرية و السلوكية التي يتعود الإنسان كفرد أو جماعة إعادة استخدامها إلى "أعراف متجذرة" مجهولة الأصل، تتحكم في مفاصل نشاطه و تطلعاته.

لهذا السبب يكون البحث على أصول هذه الأعراف ذو أهمية بالغة في فهم سلوك الفرد و المجتمع و العمل على تغييره إلى الأصلح بتجاوز الترسبات التي تعطل طاقاته و تكبح سيره إلى مستقبل أكبر وعي و فعالية و انجازات.

في ضوء هذه المسألة يقوم البحث بدراسة مفهوم العرف ودلاته و اصنافه في القرآن الكريم وفي مجال الفقه و أصوله لمعرفة أهميته في صياغة الوعي و السلوك الجماعي، و بيان أبرز آراء العلماء الأقدمين في تأثيراته في صياغة الأحكام الفقهية و ما يترتب عن ذلك من أثر في المجتمع.

إضافة إلى هذا يتجه البحث إلى طرح أسئلة عمرانية نوعية حول جذور بعض الأعراف السائدة وقيمتها العملية لغرض التنبيه إلى ضرورة إعادة صياغة وظيفة العرف في ضوء الرؤية القرآنية التي تسند إليه وظيفة حيوية متجددة و تنفي عنه الصبغة السلطوية.

اعتمد البحث على منهج تحليلي يستند إلى "الدراسات البينية" (interdisciplinary) استعمل فيها التراث الفقهي و علم العمران البشري الخلدوني في صياغة الأسئلة و دفع النقاش العلمي للموضوع إلى ضرورة استخدام علوم أخرى غير الفقه لاستخراج أحكام أكثر دقة و إحاطة في دراسة أعراف المجتمع و بيان حجيتها أو إصلاحها أو تهذيبها أو إبطا لها إن كانت حيثياتها الخفية لا تستقيم مع تعاليم الدين الإسلامي.