فقه عمارة المنشآت الدينية في آسيا الوسطي في ضوء كتابات فقهاء المذهب الحنفي

الملخص AR

دخل المذهب الحنفي إلى بلاد ما و راء النهر في نهاية القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي، و كان هذا المذهب الأكثر انتشارا في تلك المنطقة، وقد قدمت بلاد ما و راء النهر عددا كبيرا من الفقهاء الأحناف كان لهم مكانة متميزة بين رجال هذا المذهب على مستوى العالم الإسلامي، و تضمنت كتب الفقه الحنفي عددا من الضوابط الفقهية المتعلقة بموقع المسجد من أهمها: ألا يبنى على أرض مغصوبة، وألا يكون مجاورا لمسجد قديم، و هذا الشرط لا ينطبق على المدارس و الخانقاوات، و هو ما يفسر تجاور المدارس و تقابلها في مدن آسيا الوسطى.

و كان للأحكام الفقهية المتعلقة بمتابعة الإمام تأثير كبير على تخطيط المنشآت الدينية في آسيا الوسطى، حيث أجاز الفقهاء الصلاة في الطاقات (الإيوانات)، كما قالوا بصحة الصلاة في الخلاوى العلوية المحيطة بالصحن بشرط أن تكون أبوابها مفتوحة على صحن المسجد أو المدرسة، وقد تم مراعاة ذلك في تخطيط هذه الخلاوى، و التزم المعماريون في بلاد ما و راء النهر بالضوابط التى وضعها الفقهاء للمنبر و المحراب، حيث روعى ألا تكون المنابر كبيرة الحجم، وأن لا يكون المحراب عميقا، وأن يوضع في وسط جدار القبلة.

و روعى في بناء المآذن الالتزام بآراء الفقهاء فيما يتعلق بكراهة شغل المئذنة للأجزاء المخصصة للصلاة في المسجد، فبنيت منفصلة عن جدار المسجد، أو على جانبي المدخل، أو في الأركان الأربعة للمسجد، كما صممت شرفات المآذن مستديرة، و ذات فتحات معقودة، لتمكن المؤذن من الاستدارة في المئذنة، لتبيليغ الآذان إلى كل جهات المدينة، التزمت مصليات الأعياد في آسيا الوسطى بالضوابط التى وضعها الفقهاء، فبنيت في الخلاء خارج أسوار المدن، و اتخذت منابرها من الطوب الآجر، و يظهر ذلك في مصلى العيد "نماز كاه" الباقى حتى اليوم في مدينة بخارى.