أزمة المثقف في رواية الحرب الإيرانية : رواية "محاق" لمنصور كوشان نموذجا

الملخص AR

يضطلع المثقف في المجتمعات الحديثة بدور فاعل، لاسيما في المجتمعات التي تعيش فترات من الاحتقان والتوتر كفترات الحروب و النزاعات السياسية، و التي تتزامن في معظم الأحيان مع الكثير من الأزمات الداخلية الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية، و التي قد لا يوفق المثقف الحقيقي في تقبلها أو التعايش معها بسهولة كغيره من الناس، وقد جاءت رواية "محاق "للكاتب "منصور كوشان" و التي كتبها عام 1990 م محملة بقضايا المجتمع الإيراني في مرحلة من أقسى المراحل التى عاشها الإيرانيون إبان الحرب الإيرانية العراقية، و يطلق عليها البعض اسم حرب الدفاع المقدس أو "جنگ دفاع مقدس "بالفارسية، و يطلق عليها أيضا اسم الحرب المفروضة أو(جنگ تحميلى ) بالفارسية، و اختلفت مواقف الكتاب تجاهها بين التأييد و المعارضة، و من المعارضين لها كاتب الرواية التي بين أيدينا، و الذي انعكس رفضه و استنكاره على صفحات الرواية بوضوح.

يلفت هذا البحث النظر إلى واقع رواية الحرب في إيران، و إلى معاناة المثقف الإيراني وموقفه من تلك الحرب و أثرها السلبى عليه و على المجتمع بشكل عام، وموقف السلطة الحاكمة و المجتمع منه و منها، من خلال رواية "محاق" لمنصور كوشان، و التي تصور حالة إنسانية لمجموعة من الأصدقاء يحسبون من فئة المثقفين، تجبرهم ظروف الحرب و القصف الجوي لمدينة طهران على ترك المدينة و التخلي عن وظائفهم و أحلامهم و الفرار إلى إحدى غابات جركلان في الشمال الإيراني، بل و تدفع هذه الظروف القاسية البعض أحيانا إلى الانتحار يأسا أو الفرار أو الهجرة أو المغامرة بالنفس في أحيان أخرى، يختفي منهم البعض في ظروف غامضة إما لرغبته في الهروب من الواقع بمحض إرادته، أو قسرا لأسباب لم يفصح عنها الكاتب، و تتعلق كما ترى الباحثة بالقمع السياسي للمثقفين، و هو ماتتضمنه سطور الرواية دون تصريح.