الإستدلال التمثيلي في الشعر العربي القديم

الملخص AR

قد يبدو الجمع بين المنطق والشعر ضربا من التلفيق، لأن المنطق علم العقل، والشعر مؤطن الوجدان.

لكن علم البلاغة العربي يعنى بالمعاني والبيان على مقتضى التركيب (النحو)، لذلك، فدراسة الشعر العريي من قبل الناقد أو البلاغي أو التحوي لا شك أمها تلامس معاني الأبيات الشعرية بما يتجاوز الذوق الفني المتمثل في البديع وزخرف القول.

ولهذا، فالمنطقن، وإن كان غرضه دراسة الشعر، فهو لا يحاول أن يمنطق الشعر، ويفقده جماليته الأدبية، ولكن غرضه تناول بعض الاستدلالات المنطقية في الشعر من منظور منطقي، ما يجعلها تئضاف إلى المميزات البلاغية الأخرى.

ومن الظواهر البلاغية المنطقية التي لا تخفئ بها كتب البلاغة العربية، ظاهرة الاستدلال التمثيلي، وهي ظاهرة تبرز العلاقة الوطيدة بين البيان والحجاج، فالشاعر العريي أحيانا لا هدف إلى البديع وزخرف القول، بقدر ما يهدف إلى تلمس أسباب الإقناع بواسطة التمثيل أو ضرب المثل.

وقد كان البلاغئ العربن ابن سنان الخفاي (المتوفي سنة 466)، والمعاصر للبلاغي الكبير عبد القاهر الجرجاني (المتوفى سنة 471)، هو أول من أشار إلى هذه الظاهرة، وحدد لها تعريفا موجزا ودقيقا، ووضع لها من الشواهد ما يزيدها توضيحا وبيانا.

غرضنا في هذه المقالة تحديد المقصود ب "الاستدلال التمثيلي" عند ابن سنان الخفاي، وتحديد خصائصه التركيبية والدلالية والثداولية، وإبراز مظاهره عند بعض الشعراء العرب، ثم بيان فوته وضعفه من الناحية الاستدلالية والدلالية.

وسنتقيد في هذه المقالة بالإجابة عن الأسئلة الأربعة الآتية: ما المقصود بالاستدلال التمثيلي عامة، وبالاستدلال الثمثيلي في الشعر العريي عند ابن سنان خاصة؟ وما هي خصائصه التركيبية والدلالية والمنطقية؟ وما مظاهره عند بعض كبار الشعراء العرب؟ وهل يمكن رده إلى استدلالات منطقية أخرى؟