موقف الولايات المتحدة من ثورة 17 شباط 2011 في ليبيا : دراسة تاريخية

الملخص AR

اتسمت العلاقات الليبية-الأمريكية بالتوتر، منذ تولي العقيد معمر القذافي مقاليد الحكم في عام ١٩٦٩، نتيجة لكبح النفوذ الأمريكي في ليبيا و تهديد مصالحها النفطية، و دعمه للإرهاب الدولي و تدخله في شؤون الدول المجاورة و أفريقيا عموما، و بلغت الذروة في سلسلة من الصدامات العسكرية المباشرة منذ عام 1973 و حتى عام 1989، و هو ما انعكس من ثم على طبيعة الأداء الأمريكي.

و لم تغير سياسات ليبيا منذ عام ٢٠٠٣ بما قدمته من تنازلات كبيرة في جوهر هذه العلاقة.

و ما أن أندلعت الثورة الليبية في 17 شباط ۲۰۱۱، حتى حصل تجاذب في مختلف دوائر صناعة القرار الأمريكي بشأنها، إذ ايدت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية و سوزان رايس السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة و سامانثا باور المساعدة الخاصة للرئيس أوباما التدخل العسكري في ليبيا في حين عارضه روبرت غيتس وزير الدفاع، أما الرئيس أوباما فانه كان مدفوعا باتباع السياسة الواقعية و لذلك اشترط الحصول على دعم الأمم المتحدة و الدول العربية، و هو ما أن تحقق حتى شرع في عملياته العسكرية ضد ليبيا.

استندت السياسة الأمريكية تجاه ثورة 17 شباط ۲۰۱۱ الى عقيدة أوباما، و هي تخفيض التدخل الأمريكي خارجيا، فكان موقفها مترددا، لكن مع تطور الأحداث اعتمدت على مقاربة القيادة من الخلف أي التعاون مع حلفائها و شركائها و ليس العمل منفردا أي الحصول على دعم حلف الناتو و جامعة الدول العربية و مجلس الامن الدولي، إلا أن دورها كان الحاسم في تغيير النظام الليبي سواء في عملية فجر الأوديسة أو الحامي الموحد، و كان الهدف الأمريكي منذ البداية اسقاط القذافي و رغم أن حق الثورة ضد الأنظمة الاستبدادية امر مسلم به، لكن القانون الدولي لا يجيز تغيير الأنظمة بواسطة المجتمع الدولي.

تجاهل الرئيس أوباما الحصول على دعم الكونغرس و خالف قانون الحرب الأمريكي و أصر على موقفه هذا رغم كونه الجهة التشريعية صاحبة الفصل في التصريح، بأي عمل عسكري خارجي.

و اتسم الخطاب الأمريكي عموما باستثارة العواطف و تهييج الرأي العام العالمي حول الأوضاع في ليبيا من خلال التأكيد على قرب وقوع مجزرة في مدينة بنغازي و هو أمر لم يقع لا فيها و لا في سواها من المدن الليبية مستغلة الإرث القمعي للنظام الليبي في تسويق هكذا حجج.