دلالة التنغيم على الوظيفة النحوية في ضوء المنهج التداولي

الملخص AR

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الخاتم محمد المصطفى وآلة سادات الورى.

أما بعد: فتدل النصوص اللغوية على أن العرب القدامى لم يكتفوا في حكمهم على اللغة بصيغها المكتوبة فحسب، وإنما كانوا يربطون بين الكلام المنطوق والكلام المكتوب في إيضاح كثير من المسائل اللغوية، ومن ثم لم يكن من اللائق أن تعامل اللغة كما لو كانت ميتة، وصار من العلم بمكان إشراك الكلام المنطوق في تسجيل هذه الأحكام والقواعد؛ لأن الكتابة في بعض الأحيان تعجز عن تسجيل بعض الظواهر، ومن هذه الظواهر التنغيم.

و قد تنبه اللغويون القدامي لهذه الظاهرة و ارتباطها بعناصر العملية التواصلية من المتكلم و المخاطب و الخطاب، و عدوا التنغيم قرينة لفظية تعبر عن وظائف نحوية متعددة، و أعطوه سلطة التأثير على نفس القارئ و المخاطب، و ألبسوه لباس التأثير في تغير أساليب الكلام و دلالاته، و رقنت المناهج الحديثة التنغيم بوصفه أمارة على المعاني و به تعرف بعض المقاصد الثاوية خلف المعاني، و إن لم يقتنع بعض المحدثين بدراسة التنغيم و مقاربته تداولياً؛ لذا : يسعى هذا البحث إلى تبيان آراء الفريقين و الوصول إلى الرأي الراجح مدعوماً بالحجج و الأدلة؛ فجاء البحث بعنوان (دلالة التنغيم على الوظيفة النحوية في ضوء المنهج التداولي).

واقتضت طبيعة البحث تقسيمه على ثلاثة مطالب، يعني الأول بدراسة التنغيم عند القدماء والمحدثين، وانتظم الثاني بدراسة التنغيم في المناهج اللسانية الحديثة مسلطين الضوء فيها أكثر على المنهج التداولي للتنغيم في ضوء عناصر الخطاب اللغوي، فدرس التنغيم في ضوء عناصر الخطاب، وهي: المتكلم ومقاصده والمخاطب وأحواله، وسياق الحال، وضم المبحث الثالث الوظائف التداولية للتنغيم.

وقد بين البحث وظيفة التنغيم ودوره البارز في التعبير عن المعاني ووظيفته التي تتمحور حول المتكلم والوظيفة الشعرية التي ترتبط بالخطاب والوظيفة الإفهامية المتعلقة بالمخاطب عن طريق ما توفره اللغة من أساليب متعددة كالنداء والاستغاثة والأمر والاستفهام والنهي والتعجب وغيرها مصحوبا بأداء تنغيمي يساعد في فهم هذه الأساليب من أجل الفهم والتواصل بين المتخاطبين.