الثنائية (الشرقية، الغربية)‎ في تخطيط المدن العراقية و آثارها الاجتماعية : دراسة تحليلية في مدينة الموصل

الملخص AR

امتاز تخطيط المدن العراقية و منها مدينة الموصل منذ النشأة بالطابع (الشرقي) و ذلك بضغط من عوامل عديدة : (اجتماعية، و اقتصادية، و نفسية، و أمنية، و حضرية) فرضتها المرحلة الزمنية و الظروف و الإمكانات التي كان يعيشها المجتمع أنذاك، غير أن العديد من العوامل (الاقتصادية و السياسية و لسكانية و التكنولوجية التيارات الفكرية ناتجة عن الغزو الثقافي الغربي) التي مرت على البلاد و خاصة في مدة الستينات من القرن الماضي أحدثت تغيراً ملحوظا في الكثير من المفاهيم الاجتماعية للمجتمع العراقي و دعت القائمين على تخطيط المدن العراقية إلى تغيير عقيدتهم الفكرية لهوية المدينة (العربية الإسلامية) عند تأهيل و توسعة المدن من حيث الشكل و المضمون لتتماشى مع متطلبات العصر الحديث فما عادت مدينة الموصل تلك المدينة التي عرفت بالتخطيط التقليدي (القديم) ذات الأزقة الضيقة و غير النافذة و المرجعة و الوحدات السكنية المتلاصقة التي تحكي قصة حياة سكانها و علاقاتهم الاجتماعية المتينة و شعورهم بالانتماء للمكان و الراحة النفسية و الأمان، بل تحولت إلى مدينة ذات تخطيط ثنائي يطغى على تخطيطها الطابع (الغربي) ذات الشوارع العريضة و الوحدات السكنية المتباعدة التي أفرزت آثاراً اجتماعية متنوعة (سلبية و إيجابية) على سكان المجتمع الموصلي.

و على الرغم من أن ما سيتم طرحه في ثنايا الدراسة قد يشوبه تصور للميل نحو التخطيط (الشرقي) على حساب التخطيط (الغربي) الحديث، غير أن هذه الدراسة تمثل دعوة للقائمين على تخطيط مدينة الموصل إلى الدمج بين الفكرتين (الشرقية و الغربية) في فكرة واحدة تستفيد من الإيجابيات و تجاوز السلبيات من أجل الوصول إلى نمط تخطيطي حديث لمدينة جديدة تتماشى مع متطلبات العصر الحديث و تحقق البعد الاجتماعي المنشود.